الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

السواك

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

باب السنة
بقلم الرئيس العام / محمد صفوت نور الدين
السواك ‏

أخرج البخاري ومسلم في ( صحيحيهما ) عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال ‏‏: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لولاأن أشق على أمتي لأمرتهم
‏بالسواك مع كل صلاة ) .‏
السواك سنة مؤكدة من سنن الدين كله ، وليس من سنن الوضوء أو الصلاة ‏فحسب ، يدل على ذلك الأحاديث الكثيرة الواردة فيه الدالة على مواظبة النبي ‏صلى الله عليه وسلم عليه ليلاً ونهارًا ، وقد قام الإجماع على أنه مندوب .‏
قال الأوزاعي : هو شطر الوضوء ، وهو مستحب في جميع الأوقات .‏
قال النووي : لكن في خمسة أوقات أشد استحبابًا : ‏
أحدها : عند الصلاة ، سواءً كان متطهرًا بماء ، أو بتراب ، أو غير متطهر ، ‏كمن لا يجد ماءً ولا ترابًا .‏
الثاني : عند الوضوء .‏
الثالث : عند قراءة القرآن .‏
الرابع : عند الاستيقاظ من النوم .‏
الخامس : عند تغير الفم ، وتغيره يكون بأشياء منها ترك الأكل والشرب ، ‏ومنها أكل ما له رائحة كريهة ، ومنها طول السكوت ، ومنها كثرة الكلام .‏
قال ابن منظور في ( لسان العرب ) : الأراك شجر معروف – وهو شجر السواك ‏‏- يستاك بفروعه .‏
قال أبو حنيفة : هو أفضل ما استيك بفروعه من الشجر ، وأطيب ما رعته ‏الماشية رائحة لبن .‏
قال أبو زياد : منه تتخذ هذه المساويك من الفروع والعروق ، وأجوده عند ‏الناس العروق .‏
فانظر – رعاك الله – يذكر أن أجود السواك ما كان من جذور الأراك .‏
وفي ( دائرة معارف الشباب ) : الأراك شجيرة المسواك من الفصيلة الأراكية ، ‏تنبت في وديان الصحاري ، أوراقها متقابلة تكسب لبن الماشية التي تأكلها ‏رائحة طيبة ، ويتخذ من أغصانها وجذورها مساويك .‏
قال الشوكاني في ( نيل الأوطار ) : ويستحب أن يستاك بعود من أراك ، وبأي ‏شيء استاك مما يزيل التغير حصل السواك ، كالخرقة الخشنة والأشنان ، ‏وللفقهاء في السواك آداب وهيئات لا ينبغي للفطن الاغترار بشيء منها ، إلا أن ‏يكون موافقًا لما ورد عن الشرع ، ولقد كرهوه في أوقات وعلى حالات ، حتى كاد ‏يفضي ذلك إلى ترك هذه السنة الجليلة وإطراحها ، وهي أمر من أمور الشريعة ‏ظهر ظهور النهار وقبله من سكان البسيطة أهل الأنجاد والأغوار .‏
يقول شيخ الإسلام : السواك تطييب للفم الذي هو محل الذكر والمناجاة ، وإزالة ‏ما يضر الملائكة من بني آدم ، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم .‏
ويقول ابن حجر : وإنه لا يختص بالأسنان ، وأنه من باب التنظيف والتطييب ‏لا من باب إزالة القاذورات ؛ لكونه صلى الله عليه وسلم لم يختف به ،
وبوبوا ‏عليه ( الاستياك بحضرة الرعية ) .‏
وكلام ابن حجر هذا يبين سبب خلاف العلماء في موضعين :‏
الأول : هل يفضل أن يستاك بيمينه أو بيساره ؟‏
والثاني : هل يستاك أمام الناس أم يختفي ؟‏
وذلك أنه لو كان من باب إزالة القذر ، فالأفضل استخدام يسراه ، وذلك ما دافع ‏عنه شيخ الإسلام ابن تيمية ، رحمه الله ، وفصل فيه طويلاً .‏
ومما قاله : الأفضل أن يستاك باليسرى ، نص عليه الإمام أحمد في رواية ابن ‏منصور ، ذكره عنه في مسائله ، وما علمنا أحدًا من الأئمة خالف في ذلك ، وذلك ‏لأن الاستياك من باب إماطة الأذى ، وذلك باليسرى ، كما أن إزالة النجاسات ‏كالاستجمار ونحوه باليسرى ، وإزالة الأذى واجبها ومستحبها باليسرى ، ثم ‏أخذ يناقش طويلاً ؛ يدلل على تفضيل اليسرى في السواك . [ راجع ( مجموع ‏الفتاوى) جـ21 ، ص28 ، وما بعدها] .‏
وفي ( الموسوعة الفقهية) قال : يندب إمساك السواك باليمني ؛ لحديث عائشة ‏‏، رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في تنعله ‏وترجله وطهوره ، وفي شأنه كله .‏
بينما قال في ( الموسوعة ) أيضًا : لا يستحب الاسيتاك بحضرة الجماعة ؛ لأنه ‏ينافي المروءة ، ويتجنب الاستياك في المسجد وفي المجالس الحافلة .‏
أما الشيخ العلامة ابن عثيمين – حفظه الله تعالى – فيقول : الأمر في ذلك واسع ‏‏، فيستاك كما يريد ؛ لأنه ليس في المسألة نص واضح ، ثم فصل الأمر على ثلاثة ‏أقوال ، الثالث منها : إن تسوك لتطهير الفم ، كما لو استيقظ من نوم ، أو ‏لإزالة أذى ، فيكون باليد اليسرى ؛ لأنه إزالة الأذى ، وإن تسوك لتحصيل ‏السنة فيكون باليمنى .‏
هذا ، وما ذكره الشوكاني ونقلناه من أنه يتبع من هذه الأقوال ما قامت عليه ‏الأدلة ، والله أعلم .‏
وفي الحديث : ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم … ) فيه دليل على أن الأمر ‏للوجوب ، وهو مذهب أكثر الفقهاء وجماعات من المتكلمين وأصحاب الأصول .‏
يقول القرطبي في ( المفهم ) : أي لأوجبت ذلك عليهم ، عبر بالأمر عن الوجوب ‏‏؛ لأنه الظاهر منه ، وهل المندوب مأمور به أو لا ؟ اختلف في ذلك أهل الأصول ‏‏، والصحيح أنه مأمور به ؛ لأنه قد اتفق على أنه مطلوب مقتضى ، كما قد ‏حكاه أبو المعالي ، وهذا الحديث نص على أن السواك ليس بواجب .‏
قال الشافعي في (

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا