الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

الحرب على الثوابت

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

الحرب على الثوابت
بقلم فضيلة الشيخ/ محمد حسان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فإننا نعيش أياماً قد كُلف فيها الذئاب برعي الأغنام!!
وراعي الشاة يحمي الذئب عنها
فكيف إذا الرعاة لها الذئاب!!
وقد وصف الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى هذه الأيام وصفاً دقيقاً، كما في الحديث الذي رواه أحمد وابن ماجه والحاكم من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سيأتي على الناس سنوات خداعات، يُصدق فيها الكاذب ويُكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخون فيها الأمين، وينطق فيها الروبيضة)). قيل: وما الروبيضة)). قال: ((الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)). نعم، فلقد تكلم التافهون والسفهاء في أمر العوام، بل في أصول وثوابت الإسلام!!
فها نحن نشهد في السنوات الماضية، حرباً سافرة فاجرة على أصول وثوابت هذا الدين يتولى كبرها دعاة على أبواب جهنم في أنحاء العالم الإسلامي، مكمن الخطر أنهم يُشعلون الحرب على الإسلام باسم الإسلام!! ويهدمون أصول الدين باسم الدين!! وذلك بأسلوب خبيث لا ينتبه لخطره كثير من الناس!!
وقد وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم وصفاً دقيقاً في حديثه الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه، قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنتُ أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت، يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: ((نعم)). قلت وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال ((نعم، وفيه دخن)). قلت: وما دخنه؟ قال: ((قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر)). قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ((نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها)). قلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: ((هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا)). قلت: يا رسول الله، فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)). قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: ((فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)).
فلا يزال الإسلام وأهله من هذا الصنف الخبيث في محنة وبلية، ومع ذلك فهم يزعمون أنهم المجددون والمصلحون، وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ*أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ*وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءَامِنُوا كَمَا ءَامَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا ءَامَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ*وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ*اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ*أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ) [البقرة: 11-16]، وأنى لهم الهدى؟!
وهم يعلنون الحرب السافرة الفاجرة على الإسلام، لا على الفروع والجزئيات، بل على الأصول والكليات!! بلا خجل أو وجل!!
فما أكثر الحروب التي أُعلنت على الإسلام منذ أن بزغ فجره واستفاض نوره، ولكننا نشهد الآن حرباً من نوع جديد تستهدف أصول وثوابت هذا الدين على أيدي رجال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، أولئك الذين يُسمون بالنخبة من أدعياء التحرير والتنوير والثقافة والفن والعلم والأدب.
إننا نشهد الآن حرباً عاتية سافرة على أصول وثوابت هذا الدين من هؤلاء الذين أُحيطوا بهالة من الدعاية الكاذبة، ولُقبوا بأفخم الألقاب والأوصاف، التي تغطي جهلهم وانحرافهم، وتنفخ فيهم ليكونوا شيئاً مذكوراً، بلي أعناق الناس إلى أفكارهم الخبيثة لياً، وهم في الحقيقة كالطبل الأجوف، يُسمع من بعيد وباطنه من الخيرات فارغ!!
وهذه الحرب السافرة تتم عبر خطوات منظمة، ووفق مراحل محددة، وهذه الخطوات حسب تقديري على النحو الآتي:
ألاً: التفخيم المستمر المتعمد للعقل ومكانته مع التقليل والاستهانة الشديدة النص ومكانته، مهما كانت درجة ثبوته من الناحية العلمية، بل وطالبوا – صراحة – بإعادة النظر في القاعدة الأصولية التي أجمعت عليها الأمة، والتي تقول: (لا اجتهاد مع النص). طالبوا بإعادة النظر في هذه القاعدة بدعوى أنها تُصادر حق العقل في النظر والاجتهاد، وقالوا: من حق العقل أن يجتهد حتى مع وجود النص، ولو كان في القرآن والسنة!! ومن ثم فهم يُسقطون أيَّ نصٍ تنكره عقولهم النيرة!! ومحال أن يتعرف العقلُ وحده على حقائق الإيمان وأركان وأصول هذا الدين إلا عن طريق النص القرآن والسنة النبوية، ثم انتقلوا من

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا