الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

الجهاد

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

الجهاد
بقلم الدكتور أبو بكر إسماعيل ميقا
أستاذ الدراسات الإسلامية

الجهاد والمجاهدة ؛ قال الراغب في (مفردات القرآن) : هو استفراغ الوسع في مدافعة العدو . والجُهد والجَهد : الطاقة والمشقة .
والجهاد مصدر جاهدت العدو جهادًا إذا قاتلته قتالاً ، أو بذل كل طرف من الطرفين جهده وطاقته في دفع صاحبه ، والجهاد والقتال من صيغ المشاركة .
والجهاد في الاصطلاح الإسلامي بمعنى القتال في سبيل الله ، ولذلك ورد في القرآن الكريم دائمًا مقترنًا بسبيل الله .
قال العلماء : إن الجهاد في الإسلام له ثلاث مراتب :
الأولى : مجاهدة النفس .
الثانية : مجاهدة الشيطان .
الثالثة : مجاهدة العدو الظاهر .
وتدخل هذه المراتب الثلاث في قوله تعالى : ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ) [ الحج : 78] . وإليك إيضاحًا لهذه المراتب في الجهاد :
الأولى : جهاد النفس :
يكون بمصارعة الإنسان نفسه إذا مالت للشهوات والسوء والشر ، وجهاد النفس مقدم على جهاد العدو ؛ لأنه لا يمكن للمؤمن أن يجاهد عدوه في الخارج والداخل جهادًا صحيحًا إلا إذا استطاع التغلب على شهواته وأهوائه .
ولم يقهر المسلمون في صدر الإسلام أعداءهم إلا بمجاهدة أنفسهم أولاً ، وفي مجاهدة النفس يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وابن حبان : (المجاهد من جاهد نفسه ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) .
وكان عمر بن الخطاب يأمر المجاهدين في سبيل الله أن يكونوا أشد احتراسًا من المعاصي ، وقد كتب إلى سعد بن أبي وقاص قائد الجيش وصية يقول فيها : (أما بعد ؛ فإني آمرك بتقوى الله على كل حال ، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو ، وأقوى المكيدة في الحرب ، وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسًا من المعاصي منكم من عدوكم ، فإن ذنوب الجيش جند عليه ، وهي أخوف منهم على عدوهم ، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لربهم ، ولولا ذلك لم تكن لنا قوة بهم ؛ لأن عددنا ليس كعددهم ، وإننا إن استوينا نحن وإياهم في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة ، وإن لم ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا ، واعلموا أن عليكم في سركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون ، فاستحيوا منهم ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله ، ولا تقولوا إن عدونا شر منا فلن يسلط علينا ، فرُبَّ قوم قد سلط عليهم من هو شر منهم كما سلط على بني إسرائيل كفرة المجوس : ( فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ) [ الإسراء : 5] . انتهى .
الثانية : جهاد الشيطان :
وجهاد الشيطان بقسميه من الإنس والجن يكون بدفع ما يأتي به من الأعمال التي تثبط الهمم وتقعدها .
وما يأتي به من وساوس وما يزينه من شبهات وشهوات ، وتجنب ما يسلكه من سبل ووسائل توقع الإنسان في شراكه وغير ذاك من سبل الشيطان .
الثالثة : جهاد العدو الظاهر ، وهو المقصود من هذا المقال :
والجهاد كما سبق أن عرفناه بأنه استفراغ الوسع والطاقة في مدافعة الأعداء وقتالهم مباشرة أو بمعاونة بمال أو برأي أو بتكثير عدد سواد المسلمين .
والجهاد مصطلح إسلامي يشمل الجهاد بالنفس والمال واللسان ، كما يكون جهادًا للنفس وجهادًا للأعداء ، وهو في مصطلحه الإسلامي يتضمن من المعاني السامية ما لا تجده في كلمة من الكلمات التي تحمل معنى الحرب والقتال .
والجهاد يستعمل بمعنى الحرب فقط عند غير المسلمين ، أما استعمال كلمة الحرب في الإسلام فهو قليل جدًّا ، فالإسلام استبدل بها لفظ الجهاد الذي يحقق الغايات السامية والمعاني الإنسانية التي شرع لتحقيقها الجهاد .
الهدف والغاية من الجهاد في الإسلام وبيان حقيقته :
وإليك أولاً بعضًا من الآيات والأحاديث التي تحدد الغاية والهدف من القتال أو الجهاد في الإسلام ، وتوضح ذلك بجزالة اللفظ ونصاعة البيان ووضوح العبارة والمعنى ، ما يغني عن كل شرح وبيان .
وقد جاء في فرضية القتال وبيان أنه فريضة شاقة ، ولكنه لابد منه لنشر الحق والعدل والرحمة والأمن والسلام على المجتمع الإنساني كله وحتى يعيش الإنسان في جو من السعادة والهداية .
فقال تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) [ البقرة : 216] .
وقد بين الله في هذه الآية أن إيثار الدعة والسلم الذي نتيجته الذل والانهزام على القتال شر ؛ لما في ذلك من ترك الأعداء يتسلطون على الضعفاء والمساكين ويستعبدونهم ، ويقفون في سبيل الله ويشردون الدعاة إلى الله بالقتل والسجن والأذى ، وهذا شر محض لا يقره الإسلام ولا يرضاه من أتباعه .
ومن الآيات الواردة في تحديد الغاية من القتال ما يلى :
1 – قال تعالى : ( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَ

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا