الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

التوحيد والسلوك الإنسانى

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

التوحيد والسلوك الإنساني
بقلم / محمود عبدالرازق
-5-
(المسلم أعلم الناس)

انتهينا في المقال السابق إلى أن المسلم استخلفه الله في الأرض ليقيم العدل والتوحيد وينفذ أحكام الله بين البشر جميعا ، لتكون الحياة على الأرض وفقا لمشيئة الله عز وجل .
لذلك وجب على المسلم أن يتعلم الحق ليقيمه بين الناس ، لأن من مقتضى معنى (خليفة) الذي اختص به المسلم أنه هو الذي يعلم غيره .. فماذا تعلم غيرك يا أخي؟! هل تعلمه إرادة الشيطان ؟! أم تعلمه إرادة الرحمن؟!! ثم لنقف سويا نتبصر حالنا الآن كمسلمين استخلفنا الله في الأرض بمعنى أهل العلم .. فهل نحن أعلم الناس حتى نعلم الناس؟! أم أننا نتعلم منهم ..؟! الإجابة بالقطع معلومة لنا جميعاً .
نحن نتعلم منهم .. فماذا نتعلم منهم؟!!
نتعلم منهم السلوك والآداب والمعاملات ، نأخذ عنهم برامج التعليم ، نأخذ عنهم ثقافة الطفل التي تصبغ أطفالنا بصبغة غير إسلامية .. هذا باختصار هو حالنا الآن بالنسبة لأول خصائص المسلم وهي العلم . فنرى إلى أي هاوية سحيقة انحدرنا وتخلفنا وتخلينا عن أول صفة لنا ؟! ولكي ندرك حقيقة ما نحن فيه تعال معي لنرتفع ونحلق في آفاق العلم في ظل عقيدة التوحيد على أساس أن العلم هو معرفة قواعد وضوابط السلوك .
اقرأ معي قول الحق سبحانه وتعالى في سورة الفرقان وهو يحدد لنا خصائص عباد الرحمن (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)[63 الفرقان] .
يكفيك شرفا يا أخي المسلم أن تنسب إلى الرحمن بأن تكون عبداً له ! فهل كل مسلم هو عبد للرحمن ..؟!
(المسلمون هم أهل العلم والحلم)
نبحث عن الإجابة في الآية السابقة فقد حدد الله عز وجل في هذه الآية والآيات التالية صفات عباد الرحمن – وأول هذه الصفات (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا) أجمع المفسرون على أن معنى كلمة الهون هو الرفق والسكون .. وقال القاضي ابن العربي في كتابه أحكام القرآن (الهون : هو الرفق والسكون وذلك يكون بالعلم والحلم والتواضع لا بالمرح والكبر والرياء والمكر) فالمسلم لأنه خليفة في الأرض ولأنه عبد للرحمن فهو يضرب في الأرض باسم الله خالق الأرض بما فيها وما عليها ، يضرب في الأرض باسم من سخر له ما في الأرض وكرمه وفضله .
(صاحب التفضيل يعلم ماذا يفعل وماذا يريد)
سخر الله لك النعم وستسأل عنها يوم القيامة فيجب أن تعرف النعم : طبيعتها وخصائصها وكيف تستخدمها كما أراد خالقها وكيف تحافظ عليها . ولن تعرف هذا كله إلا بالعلم .
وأيضا أنت مطالب بأن تعرف لماذا سخر الله لك هذه النعم ؟!!
(المسلم مسئول عن إقامة القسط بين الناس)
اقرأ قول الحق سبحانه وتعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)[25 الحديد] .
فكما أنزل الله عز وجل الكتاب والحكمة على المرسلين لإقامة دينه والعدل بين الناس أنزل الحديد لكي يكون سلاحاً للمؤمن في الدفاع عن دينه . فهل نستخرج الحديد من الأرض مصنعاً؟ أم أنه يوجد كعنصر خام يحتاج إلى دراسة طبقات الأرض وطبيعتها ، ودراسة الكيمياء والعناصر والمعادلات والرياضيات . ومن خلال البحوث والتجارب والتطبيقات المختلفة يصل الإنسان إلى الاستخدام الأمثل لخام الحديد وفقا لمشيئة الله عز وجل .
(فمن سبق في هذا المجال ؟!)
الإجابة قاسية ولكنها هي الواقع المر . الأعداء سبقوا !! ولكن لا تيأس يا أخي المسلم فالله وعدنا ووعده الحق (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ)[59 الأنفال] . ولكن فقط علينا أن ندرك ونعي ونتعلم . لابد لنا من صحوة . فالأعداء تعلموا وصنعوا وتفوقوا وسخروا الحديد وصنعوا منه ما يرهبنا ويخيفنا فهم ينصرون سلوكهم وفقا لمعتقداتهم .
هكذا ترى يا أخي المسلم أن نصرة الحق معلقة بجهادك وعلمك .. فإذا سدنا وتعلمنا ساد الحق وانتصر ، وإذا تأخرنا وتخلفنا أضعنا أنفسنا وأضعنا الناس من حولنا .
وإذا تركنا العلم وتخلينا عن مسئوليتنا انتشر الفساد في الأرض .
هكذا يا أخي المسلم : العلم أول خاصية من خصائص عباد الرحمن فهو يعطينا خير النعم ، ولقد ضربنا مثال الحديد لنبين كيف يكون العلم هو أساس الضرب في الأرض باسم الله .
(العلم أيضاً لمعرفة طبائع الناس)
فإذا كان العلم ضرورياً لمعرفة النعم وإرادة الله في تسخير هذه النعم وكيفية تحقيق هذه الإرادة .. فإن العلم مطلوب أيضا لمعرفة طبائع الناس لأننا مطالبون بقيادة البشرية .
فنحن قد كلفنا من خالقنا عز وجل لأن نكون خير أمة أخرجت للناس (كُنْتُمْ خَيْرَ أُ

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا