افتتاحية العدد
بقلم الرئيس العام
فضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدين
الحمد لله رب العالمين أنزل الدين وجعله بفضله سبحانه محفوظاً ” إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ” [ الحجر : 9 ] .
والله سبحانه وتعالى حفظ هذا الدين وحماه من أعدائه الحاقدين ومن الكافرين المناوئين ” يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ” [ الصف : 8 ] فمن أراد لنفسه حفظاً فعليه بدعوة الإسلام ” فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ” [ يوسف : 64 ] . والله سبحانه غنىّ عن الخلق أجمعين فهو سبحانه القائل فى كتابه الكريم ” وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ” [ محمد : 38 ] فمن انصرف عن ذلك الدين فالله غنىٌ عنه فإن من آيات الله سبحانه وتعالى إبقاءه لهذا الدين وكتابه الكريم صامداً فى وجه الزلازل صلباً يتحدى العقبات .
هذا ما رأيناه بأعيننا من انهيار الدولة العاتية صاحبة الكفر الصريح ، وكانت قد التهمت دولاً إسلامية فى وسط آسيا وظن الناس أن هذه الدولة باقية . بل ظنوا أنها دولة المستقبل التى ستأوى إليها كل دول العالم حتى صارت كل دولة يتكون فيها أحزاباً شيوعية تختلف كبراً وصغراً وقوة وضعفاً كثرة وقلة بين دولة وأخرى تحسباً لقيام الدولة الشيوعية الكبرى التى تشمل العالم كله .
وفجأة انهارت انهياراً غريباً فى سرعة عجيبة فى هيئة حتى صار كل من فيها يلعن الشيوعية ومؤسسيها وظهر العفن من داخلها وبانت المتناقضات التى بنيت عليها .
لكن الذى أدهشنا أننا كنا نظن أن القرآن لا مكان له فى هذه البلاد فإذا بالسنوات السبعين تنتهى ويظهر رجال يحفظون القرآن بل وأطفال كذلك يعرفون مبادئ الإسلام حتى خرجت تلك الجمهوريات الإسلامية بعد أن ذاقت نير الشيوعية معلنة أن دين الله أقوى من الظلم والظالمين وأن نور الله يبدد ظلمات الكفر والكافرين . خرجت باسطة أيديها لبلاد المسلمين تطلب من يعلمهم الإسلام ومن يأخذ بأيديهم لينفضوا ما علاهم من غبار .
فالنبى صلى الله عليه وسلم يطمئننا ويحملنا المسئولية فى تربية الأبناء فيما رواه أبو هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل ترون فيها من جدعاء “فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ”[ متفق عليه ]
درس وبيان وتكليف :
أما الدرس فللظالمين أن القهر وإن زاد لا يطفئ دين الله رب العالمين وكذلك الدرس لسائر المسلمين أن دين الإسلام باق لا بإبقاء أحد من الخلق له إنما بإبقاء الله رب العالمين . وكذلك الدرس لسائر العاملين أن الإسلام قادم لأنه دين الله سبحانه فهيا أيها المرابى دع رباك ، ويا أيتها المتبرجة هيا إلى الحجاب ولكل أصحاب المعاصى الظاهرة فى طبقات الناس جميعاً قادة ومقودين هيا إلى الإسلام فالإسلام باق بإبقاء الله رب العالمين .
وأما البيان فإن الله يخلق خلقه على الفطرة لا يرتضع الولد من أمه شيوعية ولا يتكون الجنين بنطفة كفرية ، ولا يتغذى الفرد من أرض فساداً إنما الكل يولد على الفطرة مستعداً لقبول الإسلام . بل إن الفطرة لا تزال فيه وإن أفسده المربون فإن تاب تاب الله عليه وإن رجع زال عنه ما ران على قلبه من آثار الجاهلية وحطامها فالإسلام يَجُب ما قبله والتوبة تجُب ما قبلها والهجرة تجُب ما قبلها .
وأما التكليف فإن مهمة التربية لا تسقط عن كاهل الآباء والأمهات فلا يمكن أن تتحملها عنهم المؤسسات أو المدارس والجامعات بل الأسرة النواة الأولى للطفل فى مهده والمسجد المأوى الذى ينبغى أن يتعلق به قلبه هما أصل التربية ( الأسرة والمسجد ) لا يجوز أن نعتقد أن غيرهما سيغنى عنهما وإليهما ينسب كل انحراف فى التربية . فإما أن يكون الانحراف بالتوجيه السىء من الآباء فى الأقوال والأفعال التى تخالف منهج الإسلام . وإما أن يكون الانحراف بالتخلى والترك حتى يقوم غيرهم بالتربية عنهم من وسائل إعلام مضللة أو توجيهات من غيرهم مفسدة فالإثم فى كليهما على الآباء والأمهات . لذلك فعلى الدعاة حمل هذه المشاعل لإيقاظ الأسر فى البيوت وإعلاء ذلك فى المساجد حتى لا تمر علينا تلك الآيات من عروش وصروح تتهاوى فلا نعتبر . ذلك حتى يخرج من أبنائنا المسلم الواعى الذى ينتقل بالدعوة إلى الله فى كافة ربوع الأرض لترجع أرض الله إلى منهج الله ولا تنسوا إخوة لكم فى الإسلام ولدوا لنا من جديد فى وسط آسيا يحتاجون إلى دعاة ودعاء والله من وراء القصد .
فضيلة الشيخ محمد صفوت نور الدين


