الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

الاستعداد ليوم المعاد

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

الافتتاحية
الاستعداد ليوم المعاد
بقلم الرئيس العام / محمد صفوت نور الدين

الحمد لله سبحانه رب كل شيء ومليكه بيده ملكوت كل شيء علق سعادة ‏الدارين بطاعته ، وشقاءهما بمعصيته ومخالفة رسله : ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا ‏يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى(123)وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ‏الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) [ طه : 123 ، 124 ] .‏
ولما كانت الدنيا دار ممر لا دار مستقر ، ودار اختبار وابتلاء لا دار مكافأة ‏وجزاء ، لم يجعل فيها من صنوف الجزاء إلا ما يتعلق به التذكرة والعبرة ، ‏بل أعطى الكافرين فيها عطاء طغوا به : ( فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) [ ‏التوبة : 55] .‏
ومن شفقته سبحانه بخلقه أن لم يجعل المال والمتاع في الدنيا حكرًا على ‏الكافرين ، فقال سبحانه : ( وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ ‏فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ(33)وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا ‏يَتَّكِئُونَ(34)وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ ‏لِلْمُتَّقِينَ(35)وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ ‏قَرِينٌ(36)وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) [ الزخرف ‏‏: 33 – 37] .‏
واعلم أخا الإسلام أن الدنيا قليلة في أمدها ونعيمها ، بل قليلة في عذابها ‏قليلة في شقائها وسعادتها ، وأن ما في القبر من العمر أطول من حياة العبد في ‏الدنيا ، ومن الأهوال أشد وأفظع ، ويهون ما في القبر من الأهوال ، إذا قيس ‏بما أعد الله ليوم البعث يوم القيامة ، يوم الحساب والنشور ، وأن الأشد ‏والأكثر والأدوم والأطول من العذاب ما كان من عذاب في النار ، أجارنا الله ‏وإياكم منها ، وجعل الله للأنبياء ومن تبعهم من المؤمنين العاملين مخرجًا ‏ونجاة من كل ذلك ، وجعل عاقبتهم جنة عرضها كعرض السماوات والأرض ‏أُعدت للمتقين ، فالفائز المفلح الذي ينجو يوم العرض فيزحزح عن النار ‏ويدخل الجنة : ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ) [ آل عمران ‏‏: 185] .‏
والعذاب الأخروي كثير الألوان شديد الوقع ، لا يحتمله أهل الصبر والجلد ، ‏بل ولا يطيقه من الخلق أحد ، وجعل رب العزة عذاب يوم القيامة مقدمة له ‏لا يطيقه الصابرون ، ويشفق منه الأنبياء والمرسلون ، فيقولون : ( سلم . سلم ‏‏) .‏
من ذلك العذاب الأخروي الفضيحة على ملأ الخلق جميعًا : ( ينصب لكل ‏غدرة لواء يُقال : هذه غدرة فلان ابن فلان ) .‏
ومنه العطش الشديد الذي تنقطع منه الأعناق ، ومنه الفزع والهلع الذي ‏تنقطع منه القلوب وتبلغ القلوب الحناجر ، ومنه دنو الشمس من الرءوس ‏قدر ميل أو ميلين ، وزيادة العرق ، حتى يغرق فيه الخلق .‏
وربنا الرحمن الرحيم أعد في هذا اليوم العظيم للمؤمنين العاملين من كل هم ‏فرجًا ، ومن كل ضيق مخرجًا ، فالعامل المخلص لربه المتتبع لشرعه يتغمده ‏الله برحمته الواسعة في ذلك اليوم العصيب ، فيحميه بفضله ، وينجيه من ‏كل كرب ، من ذلك أن جعل في ذلك اليوم للمؤمنين من العطش حوضًا يشرب ‏منه الصالحون ، فلا يصيبهم الظمأ أبدًا ، وتقف ملائكة على الحوض تقصي ‏أصحاب المحدثات ، فلا يشرب منه إلا من كان بالسنة مهتديًا ، وبالرسول ‏صلى الله عليه وسلم مقتديًا ، وجعل في ذلك اليوم سترًا يستر به عباده ، فمن ‏ستر مسلمًا في الدنيا ستره الله تعالى يوم القيامة ، وجعل لمن فرج عن مؤمن ‏كربة من كرب الدنيا ، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، وأعد ‏سبحانه في ذلك اليوم من الحر والعرق ظلاً لا يأوي إليه إلا من أرادهم الله ‏برحمته ، فعدهم أصنافًا لا يملك غيرهم أن يشاركهم أو يستظل معهم إنما ‏يبلغ الله ظله لأهل الظل وريه لأهل الري وستره لأهل الستر وهو على كل ‏شيء قدير .‏
فانظر أيها العاقل الذكي ، يا من تستعد في الدنيا من عزوبتك لزواجك ، ومن ‏ليلك لنهارك ، وتستعد طوال سنتك إن كانت طالبًا ليوم امتحانك ، انظر ‏فذلك اليوم أحق أن تستعد له : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ‏مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18)‏
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(19)‏
لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ(20)‏
لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَ

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا