الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

الاستئذان مشروعيته وآدابه من القرآن

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

الاستئذان مشروعيته وآدابه من القرآن والسنة
محمد على باشا

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان ، وسار على نهجهم إلى يوم الدين ، وبعد :
فمن المعلوم : أن القرآن الكريم والسنة المطهرة فيهما من الآداب الشرعية والاجتماعية ما يجب أن يتمسك بها المؤمنون في حياتهم الخاصة والعامة .
من هذه الآداب : أدب (الاستئذان) عند بيتك أو بيت الغير ، والذي ذكره الحق سبحانه وتعالى في سورة (النور) التي تناولت كثيرًا من الآداب الشرعية والاجتماعية ومنها شرعية الاستئذان الذي هو موضوع بحثنا – إن شاء الله – والذي نتناول فيه .
أولاً : معنى الاستئذان لغة واصطلاحًا .
ثانيًا : دليل مشروعية الاستئذان في القرآن الكريم .
ثالثًا : دليل مشروعية الاستئذان في السنة الـمطهرة .
رابعًا : الاستئذان داخل البيوت : الرجل على زوجته ، والابن على أمه ، والخادم على مخدومه ، والله نسأل أن ينفع به المسلمين ، ويجعله في ميزان حسناتنا . آمين .
معنى الاستئذان لغة واصطلاحًا :
أ – الاستئذان لغة : أُذن له في الشَّيء إذنًا – أي : أباحه له – واستأذنه : أي : طلب منه الإذن – لرفع الحرج – وأذن له عليه : أي : أخذ له منه الإذن ، يقال : ائذن لي على الأمير ، أي : خذ لي منه إذنًا .
ب – الاستئذان اصطلاحًا : أي : طلب الإذن في الدخول على الغير ، قال ابن حجر : (الاستئذان : هو طلب الإذن في الدخول لمحل لا يملكه المستأذن ) .
ثانيًا : دليل مشروعية الاستئذان في القرآن الكريم :
قوله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(27)
فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ(28)
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ) [ النور : 27 – 29] ، ومعنى ( تَسْتَأْنِسُوا ) أي : تستأذنوا .
هذه آداب شرعية أدب الله بها عباده المؤمنين ، أمرهم أن لا يدخلوا بيوتًا غير بيوتهم حتى يستأذنوا قبل الدخول ، ويسلموا على أهل هذه البيوت ، ونهاهم عن الدخول بغير إذن كي لا تقع أعينهم على عورات من فيها .
قال القرطبي : الاستئذان والتسليم خير من الهجوم بغير إذن ، ومن الدخول على الناس بغتة ، كما كان يُفعل في الجاهلية ، فكان الرجل منهم إذا دخل بيتًا غير بيته هجم ، وقال : حُيِّيتُم صباحًا ، أو حيِّيتم مساءً ويدخل ، فربما أصاب الرجل في بيته مع امرأته في لحاف .
والدخول بغير إذن فيه من الإيذاء والنفرة والكراهية ، ويحرم البيوت من أمنها وسكينتها ويسبب لأهلها الوقوع في الريبة والتهمة ، وعلى المؤمن أن يتجنب مواقع الشك والتهم .
قال ابن كثير : معنى الاستئذان خير لكم أي : هو خير للمستأذن ولأهل البيت .
والمفروض من الزيارة : توثيق المحبة والمودة ، واحترام المشاعر بين أفراد المجتمع ، أو لقضاء المصالح ، فعلينا أن نختار أنسب أوقات الزيارة إلى نفس صاحب البيت ، ولا نلحق به إزعاجًا أو حرجًا ، ولا نزوره في وقت الراحة ، ولا وقت الظهيرة ، ولا بعد صلاة العشاء ، ولا قبل صلاة الفجر ، كما سنذكره إن شاء الله .
قوله تعالى : ( فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا ) الآية [ النور : 28] .
أي : فإن لم تجدوا في البيوت أحدًا يأذن لكم بالدخول إليها فاصبروا ، ولا تدخلوها حتى يسمح لكم ؛ لأن للبيوت حرمتها ، ولا يحل دخولها إلا بإذن أصحابها ، وإن لم يأذن لكم وطلب منكم الرجوع ( فَارْجِعُوا ) ، ولا تلحُّوا : ( هُوَ أَزْكَى لَكُمْ ) أي الرجوع أطهر وأكرم لنفوسكم ، وهو خير لكم من اللحاح والانتظار .
وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية :
ذلك لما فيه من التصرف في مِلْكِ الغير بغير إذنه ، إن شاء أذن ، وإن شاء لم يأذن ، ورجوعكم أزكى لكم وأطهر .
وقال الطبري : ( أَزْكَى لَكُمْ ) أي : أطهر لكم من دنس الريبة والدناءة .
رفع الإذن عند دخول البيوت الغير مسكونة :
قوله تعالى : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ ) الآية [ النور : 29] .
قال ابن كثير : هذه الآية أخص من التي قبلها ، وذلك أنها تقتضي جواز الدخول إلى البيوت التي ليس فيها أحد بغير إذن كان له متاع فيها ، كالبيت المعد للضيف إذا أذن له فيه أول مرة كفى ، وكبيوت التجار كالخانات ومنازل الأسفار وبيوت مكة .
وقال الصابوني : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ )

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا