الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الثلاثاء 4 جمادى الآخرة 1447 25-11-2025

الأسرة المسلمة فى بلاد الغرب

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

الافتتاحية
الأسرة المسلمة … في بلاد الغرب
بقلم الرئيس العام / محمد صفوت نور الدين

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على إمام المرسلين وخير خلق الله أجمعين ‏سيدنا محمد بن عبد الله وآله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين . وبعد :‏
فإن معركة حامية الوطيس ، مشتعلة الجزوة ، متأججة لا تهدأ ، ولهيبها لا ‏ينطفئ ، وبصيصها لا يخبو ، قد اشعلت كل يابس ، ثم أصابت الأخضر بالجفاف ‏‏، فصار يابسًا ، إلا من رحم ربي ممن تمسك بدينه والتحق بالمسلمين مقتديًّا ‏بالأولين محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الأمين ، تلك هي المعركة الدائرة بين ‏الشيطان والإنسان : ( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ‏لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ) [ الإسراء : 62] ، وإن نتيجة الخاسر في المعركة عذاب ‏شديد : ( قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا ) [ الإسراء ‏‏: 63] .‏
هذا ، وإن الشيطان في عدواته ليستخدم كل ما يستطيع من وسائل لهدم الإنسان ‏وإخراجه من أسباب سعادته إلى شقاوته في الدنيا والآخرة : ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ ‏اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ ‏وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ) [ الإسراء : 64] ، ولا يظفر في تلك المعركة ‏إلا من أطاع الله في شرعه ، ولزم الأنبياء في منهجهم ، واقتدى بهم : ( إِنَّ عِبَادِي ‏لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا ) [ الإسراء : 65] .‏
تلك المعركة تدور رحاها في الأسواق والشوارع والطرقات ، وقد تسربت إلى كافة ‏المجتمعات ، إلا أن أصعب دروبها وأشد آثارها هو ما يحدث في البيوت وداخل ‏الأسر وبين أفرادها ، ففي الحديث : ( إن إبليس يضع عرشه على الماء ، ثم يبعث ‏سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ، ثم يجيء أحدهم فيقول : فعلت كذا ‏وكذا ، فيقول : ما صنعت شيئًا ، قال : ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى ‏فرقت بينه وبين امرأته ، قال : فيدنيه منه ويقول : نِعْمَ أنت ) . رواه مسلم .‏
ولما كانت الأسرة دعامة الأمة ، فلقد سدد الشيطان إليها سهامه وتسلط عليها ‏بحيله ليقضي عليها أو يفككها ، من أجل ذلك جعل الله في الشرع الشريف الذي ‏أنزله على نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ، وجعل في الفطرة النقية السليمة كمال ‏الحماية وجمال الحفظ للأسرة والسياج الواقي ، فلا يبلغها ضر ولا ينالها شر ، ‏فمن أجل المحافظة على الأسرة في المحل الرفيع أحاطها بكافة الوسائل التي ‏تعتني بها لتسلم من كافة الأخطار ، وتنجو من جميع الشرور ، من عمل بتلك ‏الوسائل الشرعية سلم بأسرته من كيد الشيطان وأعوانه .‏
أولاً العناية الفطرية : جعل الله سبحانه الأسرة تلبية لحاجات فطرية لا تؤدى إلا ‏بها ، فحاجة الرجل للمرأة وحاجتها له ، وحاجة الولد لهما ، وبقاء الطفل يحبو ‏في ضعفه ، ويحتاج إلى رعاية سنوات طويلة ، إنما يكون ذلك في ظل أسرة تلقنه ‏السلوك السوي وتطبعه بالخلق الكريم ، فالله سبحانه لم يجعل الإنسان كالحيوان ‏يقضي شهوته ، ثم ينفصل عن أنثاه ويولد لها ، فلا يسأل المولود عن أبيه ، بل ‏وسرعان ما يستغني عن أمه ، فيقوم على رجليه ويطلب طعامه ، فلا يطلب من ‏الحيوان تعلم في لغة أو سلوك اجتماعي ، إنما كل سلوكه إلهامات فطرية يؤديها ‏الحيوان بغير تعلم .‏
ثانيًا العناية الشرعية : وهي التي تتمثل في نصوص القرآن التي عرَّفت الإنسان منذ ‏كان ( منيٍّ يمنى ) ، ثم خرج من بين الصلب والترائب ، ثم تدرج من نطفة إلى ‏علقة ، إلى مضغة ، إلى عظام ولحم ، حتى جعله الله خلقًا آخر ، ثم حدد أحكام ‏حمله ورضاعه وفصاله وآداب تعلمه واستئذانه ، وأحكام بصره وسمعه وقلبه ‏ولسانه ورجله ويده ، وكل أمر من أُموره ، ثم حدد أحكام المال والوقت والزواج ‏والطلاق والموت والميراث وبين الفصل في الخصومات وحل المنازعات ، حدد الأحكام ‏عند الوفاق والطمأنينة ، ووضع الحدود عند الخلاف والشجار والفرقة ، فكانت ‏العناية الشرعية بالأسرة وبسائر أفرادها ، فوصى الإنسان بوالديه ، خاصة عند ‏الكبر ، ووصى الوالدين بالوليد ، خاصة عند الرضاع وحال الصغر ، وشدد التوصية ‏على الضعيف وعند الحاجة من فقر أو مرض ، فبين أحكام الأسرة وحدده تحديدًا ‏كاملاً شاملاً لطيفًا ، وجعل لها منهجًا تسعد الأسرة إذا سارت عليه فيجني كل ‏واحد ثمارًا شهية ، ويستمتع كل في تلك الأسرة بحياة طيبة يملؤها الرضا ‏والسعادة والسرور .‏
جند الشيطان : لكن الشيطان جند جندًا هبت ريحهم لتعصف بالأسرة فغرست ‏العداء بين الرجل والمرأة مع أن الله سبحانه جعل بينهم المودة والرحمة ، لكن ‏الشيطان غرس بوسائله الشحناء والفرقة ، أما الأبناء عند الآباء ، فمع أن ال

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا