أسئلة القراء عن الأحاديث
إعداد الشيخ
أبى إسحاق الحوينى
* ويسأل الأخ أبو حاتم ابن عبد الله عن عدة أحاديث وبعض قضايا المصطلح ويرجو التطويل فى تقرير مسائل الأصول ، ونجيبه أن ما يُسمح لنا من المساحة لا يسع ذلك ، ثم إنها مجلة سيارة تتداول بين العوام ، وسنحاول أن نوفى له ما يريد باختصار غير مخلٍّ إن شاء الله .
أما الأحاديث التى يسأل عنها فهى ثلاثة :
1. حديث : ” من قتل عصفوراً بغير حقه ، سأله الله عنه يوم القيامة ” .
2. حديث : ” يؤتى بالصراط ، حده كحد الموسى ، فتقول الملائكة يا ربنا من يجيز على هذا؟ فيقول : من شئتُ من خلقى . قال : فيقولون : ربنا ! ما عبدناك حق عبادتك ” .
3. حديث : ” إن الله تعالى يقول يوم القيامة : يا أيها الناس ! إنى جعلتُ نسباً وجعلتم نسباً ، فلت : أكرمكم أتقاكم ، وأنتم تقولون فلان ابن فلان أكرم من فلان ، وأنا اليوم أرفع نسبى وأضع نسبكم أين المتقون ؟ ”
أما ما سأله فى قضايا المصطلح فأختار منها واحدةً وهى أدقها . قال : رأيت بعض العلماء حقق خديثاً ثم رجح طريقاً وقال : ولكن هذا الترجيح نظرى . فما معنى هذه العبارة . وجزاكم الله خيراً .
أولا : حديث : ” من قتل عصفوراً بغير حقه .. إلخ ” .
قلتُ : هذا حديث ضعيف .
أخرجه أحمد ( 2/166،197 ) ، وأسد السنة فى ” الزهد ” ( 104 – بتحقيقى ) ، ويعقوب بن سفيان فى ” تاريخه ” ( 2/208 ) من طريق حماد بن سلمة ، عن عمرو بن دينار ، عن صهيب الحذاء ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً به ، وقد توبع حماد بن سلمة . تابعه سفيان بن عيينة ، فرواه عن عمرو بن دينار لكنه قال : ” صهيب مولى عبد الله بن عامر ” . أخرجه النسائى ( 7/206-207،239 ) والشافعى فى ” مسنده ” ( 1766 ) ، والحميدى فى ” المسند ” ( 587 ) ، والطيالسى ( 2279 ) ، وعبد الرزاق فى ” المصنف ” ( رقم 8414 ) والفسوى فى ” تاريخه ” ( 2/208 ، 703 ) ، والطحاوى فى ” المشكل ” ( 1/372 ) ، والحاكم ( 4/233 ) ، والبغوى فى ” شرح السنة ” ( 11/225 ) .
قال الحاكم : ” صحيح الإسناد ” ووافقه الذهبى . وليس كما قالا ، لما يأتى . زاد الحميدى فى روايته : ” فقيل لسفيان ، فإن حماد ابن زيد يقول فيه : أخبرنا عمرو ، عن صهيب الحذاء . فقال سفيان : ما سمعت عمرواً قال قط : صهيب الحذاء ، ما قال إلا : ” صهيب مولى عبد الله بن عامر ” . ووقعت هذه المراجعة أيضاً عند الفسوى فى ” تاريخه ” ، لكنه قال : ” حماد ” ولم ينسبه . ولم أقف على هذه الرواية لحماد بن زيد . لكن الذى وقفت عليه من روايته عند الفسوى ( 2/208 ) قال : حدثنا سليمان بن حرب ، ثنا حماد بن زيد ، عن عمرو بن دينار ، عن عبد الله بن عمرو .. فذكره . فلم يذكر ” صهيباً ” فلا أدرى أسقط من الإسناد أم لا ؟ ولو ثبت أن حماد بن زيد يرويه مثل رواية حماد بن سلمة لكان مرجحاً قوياً لروايته .
وقد وجدت لسفيان بن عيينة متابعاً . تابعه شعبة بن الحجاج ، فرواه عن عمرو ابن دينار بسنده سواء . أخرجه أحمد ( 2/166 ، 210 ) ، والطيالسى ( 2279 ) ويمكن الجمع بين روايتهما ورواية حماد بأن صهيب الحذاء هو مولى ابن عامر كما ذكر ابن حبان وغيره .
وخالفهم أبان بن صالح ، فرواه عن عمرو بن دينار ، عن عمرو بن الشريد ، عن أبيه مرفوعاً بنحوه . فصار من ” مسند الشريد بن سويد الثقفى ” أخرجه الطحاوى فى ” المشكل ” ( 1/372 ) قال : حدثنا أبو أمية ، حدثنا خالد بن يزيد الكاهلى ، حدثنا أبو بكر ابن عياش ، عن أبان بن صالحٍ به .
ولكن أخرجه الطبرانى فى الكبير ” ج7/رقم 7246 ) من طريق يعقوب بن سفيان ثنا خالد ابن يزيد الكاهلى ، ثنا أبو بكر بن عياش ، عن أبان بن صالح ، عن ابن دينار ، عن عمرو بن الشريد ، عن أبيه مرفوعاً به .
كذا وقع فى رواية الطبرانى : ” ابن دينار ” بغير تعيين ، والمحفوظ فى حديث الشريد بن سويد أن الذى يرويه هو ” صالح بن دينار ” عن عمرو بن الشريد . فلست أدرى من الواهم فى رواية الطحاوى ؟ فلعله – إن سلم من التصحيف – أن يكون من شيخ الطحاوى ، وهو أبو أمية الطرسوسى ، ففى حفظه مقال . ورواية ابن عيينة ومن معه أرجح من غير شك ، ولكنى أرجح أنه وقع خطأ من الناسخ أو الطابع ، والكتاب ملآن بالأخطاء الفاحشة . غير أن سند هذا الحديث ضعيف ، وعلته صهيب مولى ابن عامر ، فلم يرو عنه إلا عمرو بن دينار . قال الحافظ فى ” التلخيص ” ( 4/154 ) : ” وأعله ابن القطان بصهيب مولى ابن عامر الراوى عن عبد الله ، فقال : لا يعرف حاله ” .
وترجمة البخارى فى ” التاريخ ” ( 2/2/316 ) ولم يذكره إلا برواية عمرو . وقال الذهبى فى ” الضعفاء ” : ” لا يعرف ” ، ولكنه قال فى ” الميزان ” ( 2/321 ) : ” وعنه عمرو بن دينار فقط ، وبعضهم قواه ” ولعله يقصد ابن حبان ، فقد ذكره فى ” الثقات ” ( 4/381 ) وله شاهدٌ من حديث الشريد بن سويد مرفوعاً به .
أخرجه النسائى ( 7/239 ) ، والبخارى فى ” التاريخ الكبير ” ( 2/2/


