أسئلة القراء عن الأحاديث
يجيب عليها : الشيخ / أبو إسحاق الحويني
يسأل القارئ : عصام الدين الغزالي – مينا القمح – محافظة الشرقية – عن درجة هذه الأحاديث :
1- ( إن الله يحب كل قلب حزين ) ؟
الجواب : حديثٌ ضعيفٌ .
أخرجه الخرائطي في ( اعتلال القلوب ) ( ق3/ 2) ، وابن أبي الدنيا في ( الهم والحزن ) ( ق2/ 1) ، وابنُ عدي في ( الكامل ) (2/ 471) ، والطبرانيُّ في ( مسند الشاميين ) ( 1480) ، ومن طريقه أبو نعيم في ( الحلية ) (6 / 90) ، والحاكم في ( المستدرك) (4/ 315) ، وعنه البيهقيُّ في ( الشعب ) (ج3 / رقم 865) ، والقضاعي في ( مسند الشهاب ) (1075) من طريق أبي بكر بن أبي مريم ، حدثنا ضمرة بن حبيب ، عن أبي الدرداء مرفوعًا فذكره .
قال الحاكمُ : ( صحيحٌ الإسناد ) ، فرده الذهبي بقوله : ( قلتُ : مع ضعف أبي بكرٍ ، منقطعٌ ) . اهـ .
قلتُ : أما أبو بكر فضعيفٌ جدًّا ، لكنه لم يتفرَّد به . فتابعه معاوية بن صالح ، فرواه عن ضمرة بن حبيب بسنده سواء . أخرجه البزار ( ج4 / رقم 3624) ، والطبراني في ( مسند الشاميين ) ( 2012) ، والبيهقي في ( الشعب ) (ج3/ رقم 866) من طرق عن عبد الله بن صالح ، حدثني معاوية بن صالح . قال الهيثميُّ في ( المجمع ) (10 / 309 ، 310) : ( إسناده حسنٌ ) .
كذا قال ! والإسناد منقطعٌ ، كما قال الذهبي بين ضمرة بن حبيب وأبي الدرداء .
قال البزار : ( لا نعلم أحدًا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو الدرداء ، ولا له إسنادٌ غير هذا ) . انتهى .
وكلام البزار متعقَّبٌ برواية أبي بكر بن أبي مريم . والله أعلم .
وطريق البزار أنظف ، ومعاوية بن صالح ثقةٌ ، ولكن الراوي عنه عبد الله بن صالح ، وهو كاتب الليث فيه مقالٌ ، ولذلك قال البيهقي عقب رواية معاوية بن صالح : ( وهذا الإسناد أصح ) .
ولا يقصد تصحيحه بهذه العبارة ، لكن يقصد أنه أقل ضعفًا من طريق أبي بكر بن أبي مريم ، وهذه العبارة تأتي كثيرًا على ألسنة النقاد ، ولا يقصدون بها تصحيح الإسناد أو الحديث ، ونظير هذا أن الدارقطني سُئل عن محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة : ما درجته في الحديث ؟ فقال : ( أعور بين عميان ) ، وهو يزكيه بهذه العبارة ، وإن وصفه بالعور ، فكأنه قال : له بعضُ حفظ في قوم لا يحفظون الحديث ولا يضبطونه ، وكذلك ما يقوله بعضُ المتأخرين في الحكم على الحديث ، فيقولون : ( رجاله رجال الصحيح ) ، أو ( رجاله ثقات ) ، أو ( رجاله موثقون ) ، كل هذه العبارات لا يقصد بها تصحيح الإسناد ، فكن منها على ذكرٍ ، فكم وقع بسببها ناسٌ في تصحيح أحاديث ضعيفة . والله الموفق .
2- ( كل كلام ابن آدم عليه لا له ، إلا أمرًا بالمعروف ، أو نهيًا عن منكر ، أو ذكرًا لله ) ؟
الجواب : حديثٌ ضعيفٌ . أخرجه النسائي في ( مجلسان من الأمالي ) (15) ، وعبد الله بن أحمد في ( زوائد الزهد ) ، ( ص22، 23) ، وابن السني في ( اليوم والليلة ) (5) ، وابنُ أبي الدنيا في ( الصمت ) (14) ، وبحشل في ( تاريخ واسط ) (ص245 ، 246) ، والحاكمُ ( 2 / 512 ، 513) ، والخطيب في ( تاريخه ) (12 / 321) من طرقٍ عن محمد بن يزيد بن خُنيس قال : دخلنا على سفيان الثوري نعوده ، فوجدنا عنده سعيد بن حسان المخزومي ، فقال سفيان لسعيد : الحديث الذي حدَّنْتَنِيه ، عن أم صالحٍ ، عن صفية بنت شيبة ، عن أم حبيبة ، اردُدْه عليَّ ، فقال سعيد : حَدثتني أمُّ صالح ، عن صفية بنت شيبة ، عن أم حبيبة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلُّ كلام ابن آدم عليه ، لا له ، إلا أمرًا بمعروف ، أو نهيًا عن منكرٍ ، أو ذكرًا لله عز وجل ) .
وأخرجه الترمذي ( 2412) ، وابن ماجه ( 3974) ، والخطيب (12/433 ، 434) من هذا الوجه بدون ذكِر القصة . ووقع عند الخطيب في الموضع الأول : ( قال – يعني : سفيان الثوري – : ما أعجب هذا الحديث ؛ امرأةٌ ، عن امرأةٍ ، عن امرأةٍ ) . قال له صاحبه : وما يُعجبك من ذلك وهو في كتاب الله موجودٌ ؟ قال الله تعالى : ( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ) [ النساء : 114] ، وقال تعالى : ( وَالْعَصْرِ(1)إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2)إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3) ) [ العصر : 1 – 3] .
ووقع عند ابن أبي الدنيا : ( فقال رجلٌ – يعني : بعد سماع الحديث – ما أشدَّ هذا الحديث !! فقال سفيان : وأيُّ شدته ؟ أليس قال الله تعالى : ( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ) [ النبأ : 38] ، أليس يقولُ الله تعالى : ( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّ


