الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

أبو حصيرة

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

قبل أن يصبح أبو حصيرة هيكل سليمان آخر !
هشام منسه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
فأبو حصيرة يهودى بسيط غير ذى تاريخ من اليهود الذين سكنوا دمنهور ، وذلك قبل أن يخرج اليهود من البلاد (1) ، ومات بدمنهور ودفن بها ، وقبره فى أحد أطراف البلدة على ربوة لا تبعد كثيراً عن الطريق المؤدى إلى دسوق .
وبعد موته كان اليهود يأتون إلى قبره وربما بعض جهلة المسلمين لما أشيع عنه أنه ” ذو بركات ” ويتناقل الناس بعض الحكايات عنه وكتبت عنه كتابات قليلة فى بعض الصحف والمجلات ، ومما قيل فيه أنه يهودى مغربى ضعيف الحال خرج من المغرب يحمل حصيرة وانتهى به التنقل والترحال إلى الاستقرار فى دمنهور حيث نزل على أحد اليهود فهيأ له مكاناً يتكسب فيه من عمل الأحذية وكان لهذا اليهودى دور ومصلحة فى إشاعة أن أبا حصيرة رجل ذو كرامات ، ومن قائل أن أبا حصيرة كان فى سفره يطرح حصيرته على الماء ويجلس عليها وتسير به ، ومن قائل أن البعض طاردوه فطرح حصيرته على الماء وألقى بنفسه عليها فحملته ونجا من مطارديه ، ومن قائل أنه انكسرت به سفينة أو مركب فاستخدم الحصيرة للنجاة ، ومن قائل أنه كان رجلاً ساذجاً يعمل الأحذية وكان الناس يسخرون منه فقال بعضهم متى ستموت ، فأجاب سأموت فى يوم كذا ، فمات فى اليوم الذى ذكره إلى آخره من تلك المزاعم والترهات التى لا تبعد كثيراً من مزاعم الصوفية وترهاتهم ، وعلى آية حال فقد كان أبو حصيرة شخصية محلية وليست شخصية عالمية ، وهذا كما نراه مثلاً لبعض الصوفية من ” الأولياء المحليين ” الذين لا يعرفهم أهل البلدان الأخرى ولا يثيرون انتباههم .
وبعد رحيل اليهود خمل ذكر أبى حصيرة حتى أن كثيراً من أبناء هذا الجيل من أهل دمنهور أنفسهم لم يكونوا يعلمون إلى وقت قريب أن فى دمنهور يهودياً مدفوناً بها يسمى أبو حصيرة وكثيرون لا يعلمون أين قبره ولم يروه .. وظل قبره مهملاً لا تحيط به بهرجة ولا حراسة ولا سور .. وظل الأمر على ذلك إلى أن كانت سياسة تطبيع العلاقات مع اليهود – كما هو من مقتضيات اتفاقية كامب ديفيد – وبدأ أبو حصيرة يُنفخ فيه من جديد ويهتم بقبره فأصبح هناك مبنى مجاور للقبر وسلم لتسهيل الصعود إلى الربوة التى عليها وحراسة وباب التطوير والتحسين مفتوح باستمرار مراعاة لزيارات اليهود السنوية بعد التطبيع ، ومع ذلك فقد ظل اليهود يأتون لعدة سنوات للاحتفال بمولد أبى حصيرة وينصرفون ولا يشعر بهم أكثر الناس ولكن فى السنوات الأخيرة بدأ نوع من التصعيد والتضخيم لطريقة الاستقبال والحماية لليهود الزائرين الذين يأتون فى قوافل من الحافلات التى تحيط بها هالات الشرطة وغيرها تخترق طول البلدة وعرضها حتى تصل إلى مقرها ، وفى هذه السنة ولأول مرة تغلق منافذ البلدة ويعطل المرور بهذه الطريقة ويعتدى على بعض الباعة وسائقى ” الكارو ” وغيرهم بالإهانة أو الضرب الشديد لضمان تنفيذ تعليمات المرور على الوجه الأكمل ، وهذا كله مع أنه قد تم فى هذه السنة افتتاح الكوبرى الذى يمكن لليهود من خلاله الانتقال من الطريق الزراعى السريع إلى مكان المولد دون أن يخترقوا البلدة بهذه الصورة من داخلها ، وبالإضافة إلى ذلك التصعيد فى الاهتمام وفى طريقة الاستقبال والحماية فهناك تصعيد آخر وغلو متزايد من اليهود فى طقوس ومراسيم احتفالاتهم على الطريقة اليهودية وما يصبحها من فساد وإفساد ، ولا شك أن بعض العامة من جهلة المسلمين ممن لا يهمهم سوى كسب الدراهم يجدون فى مثل هذه التجمعات والاحتفالات فرصة للتكسب كما هو الحال فى أى مولد ، وحيث يكتسب المولد بمشاركتهم ولو بالبيع والشراء طابعاً شعبياً .
ولا شك أن اليهود يسعدهم أن تروج الأساطير حول ” أبى حصيرة ” ويحبون أن يعظم شأنه ويحرصون على تضخيمه بادعاءاتهم واحتفالاتهم حتى يستقر فى حس المسلمين – أنه من مقدساتهم المعتمدة ، ومن الآن لا ننزعج إذا أصبح أبو حصيرة شيئاً هاماً فى كتب اليهود الدينية ليصنعوا شيئاً من لا شىء يدعون به بعد ذلك حقاً تاريخياً فى مصر كما ادعوا حقاً تاريخياً لهم فى فلسطين ، إذن فأبو حصيرة ” مسمار جحا ” الذى ينبغى لليهود تقويته ليكون لهم موطأ قدم تبرر فى بلدنا ، وما الذى يمنعهم من تصوير قبر أبى حصيرة بالنسبة لهم على أنه كالكعبة بالنسبة للمسلمين ، وما الذى يمنعهم من استغلال أى ظرف فى المستقبل أو اختلاق أى حادث يبررون من خلاله ضرورة وجود عسكرى دائم لهم إلى جوار القبر لحماية مقدساتهم كما تتكرر مثل هذه التمثيليات فى سياسة أعدائنا ، وإذا ظل الحال على هذا النحو واستمر تصعيد الاهتمام فى استقبال اليهود والترحيب بزيارتهم وتزايد الغلو فى الاحتفال بهذا المولد فسيصبح قبر أبى حصيرة هيكل سليمان آخر .
والسؤال الذى يطرح نفسه : من الذى يساعد اليهود على ذلك ؟ ولماذا ؟!
هشام منسه
(1) يذكر أن وزير الأديان الإسرائيلى السابق ( هارون أبو حصيرة ) حفيده .

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا