الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 5 جمادى الآخرة 1447 26-11-2025

آفة التعصب المذهبى

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

آفة التعصب المذهبى (1)
بقلم : محمد نجيب لطفى

من المبكيات المفجعات التى أصابت الأمة فى مقتل وهوت بها إلى أسفل سافلين وجعلت الكفار من كل ملة ونحلة ومن كل حدب وصوب يتداعون عليها كما تتداعى الأكلة على قصعتها قول بعضهم : إنه لا بد لكل مسلم أن يأخذ بمذهب بعينه من المذاهب الأربعة لا يحيد عنه قيد أنملة ولا يغفل عنه طرفة عين وإلا كان البوار والهلاك وضياع الدين والخسران المبين ؛ مما أقض مضاجع المصلحين واستدر الدمع مدراراً من مآقيهم بكاءً على هذا الدين ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) اتخذوا قرآن ربهم مهجوراً وتركوا سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وراءهم ظهرياً . تقول لهم قال الله ورسوله ، يقولون قال صاحب المذهب وقوله لا مناص منه ولا مندوحة عنه . فإذا قلت ما الدليل على صواب ما أنتم عليه ؟ قالوا دليلنا قول المذهب وما نحن عنه بحائدين . منها فهاهنا تسكب العبرات ويناح على هذا الدين ، فياحسرةً على العباد ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) وكأنى بهؤلاء لم يقرأوا كتاب ربهم وأنى لهم بقراءته وقد شغلتهم وألهتهم واستعبدتهم قراءة المتون والحواشى وشروح المتون ومتون الشروح وشروح الحواشى وحواشى الشروح وهلم جرا . ولو أنهم لم يشربوا فى قلوبهم التعصب والمذهبية ونبذوها وراءهم ظهرياً لتغير حالنا إلى أحسن حال ولعادت لنا سيادة العالم وقيادته مرة أخرى وهل يسود ويقود من غرق فى بحار التقليد والمذهبية ؟!! وكأنى بهؤلاء لم يقرأوا ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ” الحجرات /1 .
ورحم الله الأئمة فقد نهوا عن تقليدهم غاية النهى فهم مأجورون غير مأزورين . ولو قلدهم أتباعهم بحق فى كل أمورهم ما قلدوهم حيث قد نهوا هم عن تقليدهم . وهذه بعض نقولهم نقدمها لهؤلاء المتمذهبين المقلدين الذين اتخذوا المذهبية ديناً لهم .
يقول أبو حنيفة رحمه الله (2) ( إذا صح الحديث فهو مذهبى ) ويقول ( لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه ) وفى رواية ( حرام على من لا يعرف دليلى أن يفتى بكلامى ) زاد فى رواية ( فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غداً ) ويقول رحمه الله ( إذا قلت قولا يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولى ) .
ويقول الإمام مالك رحمه الله : ( إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا فى رأيى فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه ) ويقول لله دره ( ليس أحد بعد النبى صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبى صلى الله عليه وسلم )
ويقول الشافعى رحمه الله :- ( ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت فالقول ما قال رسول صلى الله عليه وسلم وهو قولى ) وقال ( أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد ) وقال أيضاً ( إذا وجدتم فى كتابى خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت ) وكذا قال ( إذا صح الحديث فهو مذهبى ) وقال ( لكل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها فى حياتى وبعد موتى ) وقال ( كل ما قلت فكان عن النبى صلى الله عليه وسلم خلاف قولى مما يصح بحديث النبى صلى الله عليه وسلم أولى فلا تقلدونى ) .
ويقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : ( لا تقلدنى ولا تقلد مالكاً ولا الشافعى ولا الأوزاعى ولا الثورى وخذ من حيث أخذوا ) وقال ( رأى الأوزاعى ورأى مالك ورأى أبى حنيفة كله رأى وهو عندى سواء وإنما الحجة فى الآثار ) . وقال يرحمه الله ( من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة ) .
فانظر أيها اللبيب المتبصر كم رد المقلدون والمتمذهبون من أحاديث ، بل ردوها بالكلية وما الداعى لحفظها ودراستها والأقوال موجودة فى المتون والشروح والحواشى وكأنها وحى منزل لا يقبل النقاش .
وماذا بعد :
تلك أقوال من قلدوهم قد أسلفناها ففيها الحجة الدامغة عليهم وفيها براءة الأئمة من ربقة التقليد والمذهبية وفيها سواء السبيل لمن أراد النجاة وأراد الفقه فى الدين .
ولكم تحرجت كثيراً حين هممت بالكتابة فى هذا الأمر حيث كتب فيه العلماء ما يشفى الصدور ويهدى إلى الصراط القويم ولكنها زفرة ألم على واقع أليم وعبرة أسى على إخوان لنا فى الدين لم أملك إلا أن أسكبها على الورق فلعلها توقظ الغافلين وتبصر الضالين .
ثم ماذا بعد .
ماذا بعد والأزهر يشارك فى المأساة ! فالخريجون يفتون بوجوب المذهبية والتقليد .
وبعد هذه القطرة وهذا الغيض من فيض عميم أذكر بعض ما وقعت عليه عينى من مؤلفات ورسائل لعل الله يهدى

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا