نداء لمساعدة المسلمين الأفغان
بقلم: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة
والرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
بالمملكة العربية السعودية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فيأيها المسلمون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لا يخفى عليكم ما جرى ويجري الآن في أفغانستان البلاد المسلمة من اعتداء روسيا الشيوعية عليها، واحتلالها وتقتيل المسلمين، وتشريدهم من ديارهم، ومحاولة الشيوعية القضاء على الإسلام والمسلمين في أفغانستان البلد المسلم. ومع هذا فهم جادون في الدفاع عن دينهم ثم عن أنفسهم وأعراضهم وبلادهم أمام هذه الحملة الكبيرة الكافرة الظالمة، وهم في أشد الحاجة بل الضرورة إلى مساعدتهم من إخوانهم المسلمين، لأن المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وإنه يؤلمنا ما يؤلم إخواننا، ويسرنا ما يسرهم.
وقد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على وجوب جهاد أعداء الله بالنفس والمال، ولا سيما إذا هجموا على شيء من بلاد المسلمين، وأن المسلمين متى تركوا ذلك أثموا جميعاً. ومن المعلوم أن الخطر الشيوعي يهدد كل دول الإسلام، وإننا معرضون لهجمات الشيوعية الحاقدة على الدين. ولقد جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة ما يكفي ويشفي في فضل الجهاد والحض عليه. فمن ذلك قوله تعالى: ((وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)) [التوبة: 36].
وقوله تعالى((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) [التوبة: 111].
وقال تعالى يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ*تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ*يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)) [الصف: 10-13].
والآيات في فضل الجهاد كثيرة. ومما جاء في السنة النبوية المطهرة في ذلك مارواه الصحابي الجليل أبو هريرة رضى الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل ؟ قال: ((إيمان بالله ورسله)) قيل ثم ماذا؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله)) قيل ثم ماذا؟ قال ((حج مبرور)) متفق عليه.
وما رواه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: ((الصلاة على وقتها)) قلت: ثم أي؟ قال: ((بر الوالدين)) قلت: ثم أي ؟ قال ((الجهاد في سبيل الله)) متفق عليه.
وما رواه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضى الله عنه قال:أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أي الناس أفضل ؟ قال: ((مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله)) قال: ثم من؟ قال ((مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله، ويدع الناس من شره)) متفق عليه. والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
ويجب الجهاد على الأعيان في ثلاثة مواضع أحدها: إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان، لقوله تعالى ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [الأنفال: 45] وقوله تعالى ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ [الأنفال: 15].
الثاني: إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم، كما هو الواقع في أفغانستان. ويجب على إخوانهم المسلمين في كل مكان دعمهم ومساعدتهم لعموم قوله تعالى: ((انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) الآية [التوبة: 41] .
الثالث: إذا استنفره من له استنفاره تعين عليه، لقوله تعالى: ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ.. )) الآية [التوبة: 38] ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ((وإذا استنفرتم فانفروا)) متفق عليه. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية