نبي الإسلام
مكتوب في التوراة والإنجيل
بقلم: أحمد حجازي السقا
خريج أصول الدين
وماجستير في العلوم الإسلامية
وأولاد الأعمام يطلق عليهم إخوة. جاء في التوراة: أن إسماعيل سكن برية فاران أمام إخوته وأمام جميع إخوته يسكن . التكوين 16: 12. وبنو عيسو بن إسحق. قالت التوراة إنهم إخوة لبني إسرائيل وأوصى موسى بني إسرائيل بهم خيرًا فقال: (أنتم مارون بتخم إخوتكم بني عيسو. الساكنين في سعير، فيخافون منكم. فاحترزوا جدًّا. لا تهجموا عليهم لأني لا أعطيكم من أرضهم ولا وطأة قدم) (التثنية : 2: 4-5).
ولو كان المقصود بهذا النبي: نبي يأتي من بني إسرائيل لقال: (منهم) أو (من بينهم).
5- ولفظ (مثلك) يفيد أن هذا النبي الآتي سيكون مثل موسى عليه السلام وموسى كان متزوجًا وله أولاد ونبي الإسلام كذلك. وموسى حارب أعداءه وانتصر عليهم ونبي الإسلام كذلك، وموسى مات على فراشه ونبي الإسلام كذلك، وموسى نشأ في بيئة وثنية ونبي الإسلام كذلك. وموسى كان رئيسًا مطاعًا في قومه ونبي الإسلام كذلك.
أما عيسى عليه السلام فلم يكن متزوجًا. ولم يحارب لا للحق ولا للباطل، ولم ينشأ في بيئة وثنية ومات مقتولاً – كما يزعمون – ولم يكن رئيسًا مطاعًا في قومه. لذلك نرى القرآن الكريم يشهد بالمثلية لبني الإسلام في قوله تعالى: (إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهدًا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون سولاً) المزمل:15.
ويضاف إلى لفظ المثلية: أن موسى صاحب شريعة مستقلة مشتملة على أوامر ونواه ونبي الإسلام كذلك صاحب شريعة مستقلة. أما عيسى عليه السلام، فلم يأتي بشريعة جديدة، وإنما هو مصدق لما بين يديه من التوراة. والنصارى يقولون بذلك إذ قال لهم عيسى: (لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس “التوراة” أو الأنبياء “كتب الأنبياء بعد موسى”). (متى: 5: 17) والقرآن الكريم يشهد بهذا إذ يحكي على لسان الجن قولهم عن القرآن : (إنا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى) (الأحقاف:30) فلو كان عيسى عليه السلام صاحب شريعة مستقلة عن موسى لقال الجن: (من بعد عيسى).
6- وعبارة (وأجعل كلامي في فمه) إشارة إلى أنه نبي أمي لا يكتب ولا يقرأ بل يكون تبليغه للرسالة شفهيًا وكتاب الوحي يكتبون. والقرآن الكريم يشهد بهذا (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك) (العنكبوت: 48) أما عيسى عليه الصلاة فكان كاتبًا قارئًا يقول لوقا إن عيسى (دخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ) (4: 16) ويقول يوحنا: (وأما يسوع “عيسى” فانحنى إلى أسفل، وكان يكتب بأصبعه على الأرض) (8: 6).
7- ومعنى (فكلمهم بكل ما أوصيه به) إشارة إلى أنه لا يزيد ولا ينقص مما يوحي إليه، ونبي الإسلام قد طلب منه الكافرون (ائت بقرآن غير هذا أو بدله) فأوحى الله إليه (قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي) (يونس : 15) ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يزيد أو ينقص لحذف مثل قوله تعالى (عبس وتولى) سورة عبس ، ومثل قوله: (وتخشى الناس والله أحقُّ أن تخشاه) سورة الأحزاب: 37، مما قد يثير لدى العوام شبه الاعتراض.
8- 8- وعبارة (له تسمعون) تفيد أنه رئيس مطاع. أما عيسى عليه السلام فلم يكن رئيسًا مطاعًا (وقال له واحد من الجمع: يا معلم قل لأخي أن يقاسمني الميراث. فقال له: يا إنسان من أقامني عليكما قاضيًا أو مقسمًا)؟ (لوقا 12: 13-14).
9- وقد حدد النص: أن النبي الكاذب : يقتله الله. ويبطل دعوته. وهذا لم يحدث لنبي الإسلام فإنه لم يكن كاذبًا. ولم يدع إلى عبادة غير الله لذلك عظمت دعوته، وانتشرت رسالته في حياته وبعد مماته انتشارًا واسعًا. فلو كان كاذبًا لقتل. وبطلت رسالته.
10- ولما كان يخطر في بال اليهود أنه ربما أنبياء كثيرون فكيف يميز منهم ذلك النبي؟ وضح الله لهم العلامة فقال: إنه إذا أشار إلى شيء يحدث في المستقبل وحدث يكون صادقًا ويكون هو النبي المبشر به. ونبي الإسلام قال (غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين) (الروم آيتا 2، 3) وقد وضح المفسرون أن هذه الآيات نزلت قبل غلبة الروم للفرس وقد تم الغلب عام الحديبية سنة 6 من الهجرة وقال: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون) (الفتح:27) وكان هذا القول كما روى المفسرون قبل الفتح وحدث كما قال.
8- ولما جاء عيسى عليه السلام لم يقل لليهود إني أنا النبي الذي بشر به موسى بل قال: (توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات) (متى 4: 17) وهي نفس العبارة التي قالها يوحنا المعمدان (يحيى عليه السلام) يقول متى: (وفي تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكون “يبشر” في برية اليهودية قائلاً: توبوا؛ لأنه قد اقترب ملكوت السموات) (3: 1-2).
9- ويوحنا المعمدان كان من نسل هارون عليه السلام من سبط لاوي وأمه تسمى (اليصابات) وهي أخت العذراء مريم رضي الله عنها، وولد قبل عيسى بستة أشهر وابتدأ دعو