من مفاهيم السلام في إسرائيل
بقلم
أحمد فهمي أحمد
إذا كانت حكومتنا تسعى إلى السلام مع إسرائيل على أساس أن يتم التعايش السلمي معها وإنهاء حالة الحرب كما أُعلن ذلك رسمياً، فإن إسرائيل لن تكتفي بذلك، بل ستحاول دائماً أن تثبت للعالم سيادتها وفضلها حتى على مصر. وهذا ما نتوقعه.
وبالنظر بإمعان إلى الماضي والحاضر نستطيع أن نتوقع ما قد يكون في المستقبل.
فإن ماضي إسرائيل في علاقتها الدولية معروف. كانت تعتدي ثم تسرع بالشكوى إلى الأمم المتحدة. كانت تماطل كثيراً في تنفيذ أي قرار للهيئات الدولية كمجلس الأمن مثلاً ثم يتمخض الأمر عن رفضها لكل القرارات. كانت تعمل دائماً على الوقيعة بين مصر والعرب… كانت تسعى بأسلوبها الملتوي في الدعاية ضد العرب والمسلمين… كل ذلك بالإضافة إلى العدوان المستمر واغتصاب الأرض بالقوة لكي تحقق حلمها من الفرات إلى النيل أرض إسرائيل.
أما عن الحاضر.. فقد رأينا كيف أخذت إسرائيل تماطل، وكيف أخذت تفسر اتفاقيات السلام تفسيراً ملتوياً يحقق مآربها، ورأينا كيف تروج الأخبار الكاذبة عن مصر، وكيف تنسب للمسئولين المصريين تصريحات محرفة، وكيف تحاول أن تفرض نفسها في المجتمع الدولي على حساب كياننا، ورأينا بوضوح موقفها من القدس ومن القضية الفلسطينية.
وكل هذا كنا نتوقعه…
ولكن ما حسبنا أن غرور إسرائيل سيصل إلى حد تحريض حكومتنا على علماء المسلمين، وعلى طلاب الجامعات، وعلى المعارضة بوجه عام.
إذا كنا قد توقعنا من إسرائيل أشياء كثيرة فلم نكن نتوقع أن تحاول إثارة هذه الفتنة بين حكومتنا وعلمائنا وطلابنا.
اسمعوا ما تقوله صحيفة دافار الإسرائيلية الصادرة يوم 22 يناير 1980 – تقول الصحيفة (إن عملية السلام حساسة جداً، ومعرضة للضرر، ومن شأن أصوات المعارضة في مصر أن تمس هذه العملية) ثم تستطرد قائلة (إن على إسرائيل ومصر أن تراقبا بحذر المؤشرات المقلقة التي تأتي من مساجد في القاهرة والجامعات وفي كل مراكز المعارضة الأخرى).
لقد وصل التبجح الإسرائيلي إلى هذا الحد… على أن تستعدي السلطات الرسمية على علماء المسلمين وعلى طلاب الجامعات… وكأن إسرائيل تقول: إذا أردتم أن نتفق معكم على السلام فكمموا هذه الأفواه… اقطعوا هذه الألسنة… اضربوا هذه الحناجر…
وقد يتعمد المسئولون في مصر إثبات حسن نواياهم تجاه إسرائيل فيلبون مآربها في إسكات هذه الأصوات. هذا هو مفهوم إسرائيل عن السلام.
وبمقتضى هذا المفهوم الإسرائيلي يتم تطبيع العلاقات بين البلدين…
وإذا كنا ننظر إلى حاضر إسرائيل وكيف تفكر… حتى نتوقع ما قد يكون في المستقبل… فيكفي أن نقول:
إن أول سفير لمصر في إسرائيل من رجال السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية المصرية. بينما أول سفير لإسرائيل في مصر كان يدير كل أعمال التجسس لصالح إسرائيل على المستوى المحلي والمستوى العالمي… حيث كان مديراً للمخابرات الإسرائيلية… مما يضع النقط فوق الحروف في شأن مفهوم إسرائيل عن السلام.
ترى ماذا يكون في مستقبل الأيام؟ إنا لمنتظرون.
أحمد فهمي أحمد