مع هلال ذي الحجة وفضائل العشر
لفضيلة الشيخ عبد العزيز عثمان النحراوي
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد النبي الأمي ومن والاه.
كان من هدي رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، إذا رأى هلال شهر عربي أن ينظر إليه قائلا: هلال خير ورشد، اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربنا وربك الله.
ثم يقول: الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا، وجاء بشهر كذا (ويسميهما)، وفي قوله صلى الله عليه وسلم ” ربنا وربك الله” إعلان للتوحيد، وتجريد للعقيدة من عبادة الكواكب التي كان يقدسها قوم إبراهيم الخليل عليه السلام، حين ناظرهم عقليا وجاراهم ظاهريا يوم أن قال الله عنه) فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي، فلما أفل (غاب) قال لئن لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضالين ( [الأنعام: 77].
فأما الأيام العشر ولياليها فهي التي أقسم الله بها في سورة الفجر) والفجر، وليال عشر، والشفع والوتر، والليل إذا يسر، هل في ذلك قسم لذي حجر؟ ( أي هل ترى قسما أعظم أو أجل لذى عقل وفكر من هذا القسم؟ الجواب: لا، فالاستفهام للنفي.
وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ” ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه العشر- يعني عشر ذي الحجة- قالوا: يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا ( على الاستثناء المنصوب ) خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك بشيء” وزيد في رواية: فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد، وفي هذا إشارة إلى وجوب شكر الله وحمده على نعمه وآلائه بما تفضل به على عباده من هذه المنح الألهية، في تلك المناسبة الدينية السنوية.
فأما يوم عرفة فهو يوم جليل في شهر كريم، يستحب للمسلمين غير الحاجين أن يصوموه، ويتقربوا إلى الله فيه بصالح الأعمال، وصادق الأقوال، والتيسير على المعوزين، وتفريج الكربات عن المكروبين والتوسعة على المساكين والمحتاجين.
وفي هذه المناسبة المباركة نذكر المسلمين من اتباع سيد المرسلين بطائفة من هديه صلى الله عليه وسلم في الأضحيات، للعمل بها واقتفاء أثر الرسول الأمين في اتباعها فنقول والله المستعان:
لم يكن صلى الله عليه وسلم يدع الأضحية مدى حياته، أو يتهاون في إعدادها، بل كان يضحي بكبشين أملحين يذبحهما بنفسه عقب صلاة عيد الأضحى، وأخبر أن من ذبح قبل الصلاة، فهو لحم قدمه لأهله، وليس من النسك في شيء، وأن أيام العيد الأربعة موقت للنحر وأولها أفضلها.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم اختيار الأضحية، واستحسانها، وسلامتها من العيوب، وحين يذبح الأضحية يقول: باسم الله والله أكبر، اللهم هذا عن محمد وآل محمد، وحين يذبح الثاني يقول: باسم الله والله أكبر، اللهم هذا عمن لم يضح من أمتي يعني نيابة عن غير القادرين لها.
وكان يتلو عند النحر قوله تعالى: ) وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين( [الأنعام: 79]، {إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِى لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162].
قال عطاء بن يسار: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الأضاحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إن كان الرجل ليضحي بالشاة عنه وعن آل بيته، ويهدي إلى من يعني بأمره من جيرانه وقرابته، فيأكلون ويطعمون. قال الترمذي حديث صحيح انتهى من زاد المعاد بتصرف ص 341.
ونحن نذكر المسلمين الموحدين المضحين باتباع هدي سيد المرسلين، وتحري أوقات النحر التي شرعها الله لعباده، وأن يتعهدوا إخوانهم وأقرباءهم بقدر مما أفاء الله عليهم، لتسود المحبة، وتدوم المودة، وترتفع الألسنة بالدعاء، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه والسلام عليكم ورحمة الله وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصبحه.
عبد العزيز عثمان النحراوي
مدرس أول اللغة العربية
ومن علماء أنصار السنة المحمدية