معركتنا والتفكير اللاعقلي
بقلم : فضيلة الأستاذ نوح الغزالي
ماجستير في الدعوة الإسلامية والإرشاد
واعظ عام بالقاهرة
المدرسة الصليبية جادة ونشطة هذه الأيام .. رائحة غادية . على قدم وساق تخاف أن يفلت الزمام من يدها أو يتحول التيار إلى غير ما تريده أو يدير الدفة غير ربانها . وهي مدرسة – والحق يقال – مخلصة كل الإخلاص في خدمة أهدافها . وهي – كذلك – مشكورة من أساتذتها على هذا الإخلاص الذي لا تنتظر عليه أجر . فقد انتهت من المرحلة “المادية” التي كانت لا تقنع فيها بغير الأجر الجزيل !! وأراحت أولئك الأساتذة فهم يتفرجون قريرو العين بما يفعل تلامذتهم الذين أحسنوا تربيتهم دون أن يتهم – أي الأساتذة – بالتعصب الصليبي والدخول فيما لا يعنيهم !
ونستطيع أن نتبين مدى إخلاص هذه المدرسة للاستعمار الصليبي الذي لم يرحل من أي بلد إسلامي حتى اعتمد عليها واطمأن إليها في تغريب المسلمين وإبعادهم عن مفاهيم الإسلام . وفلسفة الحياة لهم في كل جوانبها فلسفة عقلانية ، ترضى فضول العقل وتريح الذهن حتى لا يتورط في إستلهام الدين ! تعرف هذا إذا قارنتهم بأصحاب المدرسة الإسلامية وجمودهم وبرود أعصابهم عندما تثار – وأما أكثر ما تثار – رغم الفارق الهائل – وربما اللانهائي – بين الأجيرين وبين الأجرين : أجير يخدم الفكر الغربي . وآخر يخدم الفكر الإسلامي . وأجر يوفيه عملاء الاستعمار الصليبي والغزو الفكري وآخر يوفيه الله سبحانه بغير حساب !!
في عز الحرب ووسط قعقعة السلاح وأحدنا لا يتصور أن تقع عينه أو تسمع أذنه أو يفكر أو يتخيل إلا في المعركة وعن الحرب أو بلاغ حربي أو بيان عسكري ، وإذا بنا نقرأ خبر القتال في ركن من صحيفة وكأنما لصق بتكلف ، إذ ليس له علاقة بما حوله عن تعيين المرأة قاضية والمشروع في طريقه إلى مجلس الدولة !!
ما هذا ؟ الآن ! أهذا وقته ؟ أهذا التوقيت مقصود ؟ أم هو مجرد مصادفة . أم هو تخطيط جاء وقته ! وأمسكت القلم وهممت أن أكتب إلى أي جهة . فليست هناك جهة تكبي هذا الإسلام المسكين ، فترسل إليها بدموعنا غزيرة . أكتب عن الصليبية الماكرة والفاجرة في آن . بعيدًا عن البحوث الفقهية فصاحب المشروع لا يهمه إلا أن المرأة في الغرب تعينت قاضية فلنلحق بهم حتى لا تتهم بالتأخر ! أو لم تعين قاضية هناك فلنسبقهم حتى يرضوا عنا ولا يعيرونا ! بيد أني قلت لنفسي على رسلك . ليس الآن وقتها . علمونا في الأزهر “أن لكل مقام مقال” والمقام الآن للمدفع فليكن المقال للجهاد . الصهيونية على مدى كيلو مترات من عاصمة العالم الإسلامي ! والوحدة العربية باسم الله – لا باسم عدنان ولا قحطان – تحسد عليها . “واللَّه أكبر” تزلزل الأرض تحت أقدام الصليبية والصهيونية المسخرة .. ولعلها زلة مستشار ! مستشار لم يتعلم في مدارس الغرب – هناك أو هناك – غير القوانين الرومانية والفرنسية ولم يتوجه لغير القبلة الغربية .. ربما !! أرأيت كيف يتساهل – أو كيف يهمل – أصحاب المدرسة الإسلامية عندنا ؟!
سمع صاحب الأهرام – بين ما سمع – أساطير وأوهام من “التكفير اللاعقلي” من جنودنا العائدين .. سمع هؤلاء المكبرين الله المستعينين بقوته وقد اقتحموا معابرًا وخطوطًا كادت تيئسهم عن اقتحامها ، كتابات غير المأجورين من دعاة التغريب في هذا البلد الكريم ! سمع بهذا الذي لبس حزام الديناميت وكبر ورمى بنفسه أمام دبابات العدو “العقلاني” سمع أولئكم الضباط والجنود الذين بادروا قبل أن يحدثوه حتى يكونوا عند حسن ظنه ! بادروا بأنهم ما كانوا يصدقون هذه الأمور ولا يعترفون بها فهم من مدرسته .. فلا يخاف ! فإذا بهم يرون العجب العجاب !! فأسرع الأستاذ الدكتور يعصر ذهنه ويشحذ عقله ويفرغ – على صفحة الجريدة – كل ما شحنته الصليبية من فكرها المادي . وليقول لها لا تخافي لا تراعي .. كلية الآداب بخير فلا تزال سادنة الفكر الغربي وحارسة الأمين رغم هلال عميدنا الأكبر !! وهو لا يريد منها جزاءً ولا شكورًا . وإنما يفعل ذلك لوجه البحث النزيه والفعل الحر المحايد لا أكثر ولا أقل ! أرأيت إخلاص أصحاب المدرسة التغريبية أو الصليبية .. وإلى أي حد . وذلك كله دون أجر ؟
أوجز لك أفكاره التي حرص على إثارتها الآن في صحيفة الأهرام حتى ننتفع بفكر أساتذتنا الكبار الذين تخطوا – بفضل ما علمتهم الصلبنة – عقبات اللاعقلانية فما عادوا يؤمنون بغير ما يسمعون بآذانهم أو يبصرونه بأعينهم أو يأكلونه ويشربونه في بطونهم وبأفواههم أو يمسكونه بأيديهم أو يضربونه بأرجلهم أو يشمونه بأنوفهم إن كانت لهم أنوف ! ولا تسلني كيف يؤمنون بالكهرباء والأثير والجاذبية والجراثيم والميكروبات وهم لم يروها أو يحسوها فذلك شيء قاله الغرب وآمن به فما ينبغي أن نستريب فيه أو نحاول التشكك في الإيمان به !!
هذه الأفكار :
1- الدين يؤخذ للحاجة وبقدر بقدرها . أي أنه عنصر اجتماعي يخدر الجماهير ويجذب العامة فعندما نحتاجه نثيره وعندما