ليس هذا تفسيرًا
بقلم صابر خليفة حميدة
طالعتنا مجلة منبر الإسلام في عدد المحرم 1399 بتفسير للأستاذ أحمد حسين يفسر الآية السادسة والثلاثين من سورة النساء والتي تبدأ بقوله تعالى: {وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا}، ولقد قال في تفسيره: (ولعل هذا يظهر مدى تطرف البعض ومبالغتهم عندما يعتبرون مئات الملايين من المسلمين مشركين لمجرد كونهم يهتفون: يا سيد يا بدوي، أو يا حسين، أو يا سيدة زينب، فهؤلاء المعتقدون بسلطان الأولياء إنما يؤمنون أولاً باللَّه ويصلون ويزكون).
بل قال في نفس الصفحة ص 7: (ولكن الذي نقطع به هو أن وصف المسلم بأنه مشرك لأنه هتف بالسيد البدوي أو سيدنا الحسين ضرب من ضروب المبالغة والمغالاة التي فرقت بين المسلمين).
هذا ما كتبه الأستاذ أحمد حسين مدافعًا عن الذين ينادون غير الله، وها هي الوثنية تجد من يدافع عنها في كل زمان ومكان، ولعل ما كتبه في عدد المحرم 1399 يناقض ويعارض ما كتبه في عدد شعبان 1393 عندما كان يفسر سورة الأحقاف، حيث قال في صفحة 11: وهم يحدثوننا اليوم عن أقوام يقفون الساعات الطوال تحت الثلج- وربما الأيام- في طوابير متصلة ليلقوا نظرة على إنسان مات منذ قرون، وأصبحوا يعتبرون النظرة إلى هذا الإنسان المحنط عنوان البركة أو الولاء أو الوعي أو سمها بما شئت من الأسماء والتعبيرات الجديدة، أليست هذه هي الوثنية؟ وأليس لمثل هؤلاء الضالين يقول القرآن منددًا بهذه الغفلة: {اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}، بل قال عند تفسير الآية: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ}، (هنا حكم الله سبحانه وتعالى على من يصنع هذا الصنيع وهو أن يدعو من هو أعجز حتى أن يسمعه فضلاً عن أن يستجيب له أو يحقق ما يدعوه من أجله، أي أن الأصنام والأوثان سواء كانوا حجارة أو كانوا موتى منذ أمد بعيد لا يعون شيئًا.
هذا ما كتبه الأستاذ أحمد حسين سنة 1393 في عدد شعبان في منبر الإسلام والذي يعارض ما كتبه في عدد المحرم 1399.
ثم لنا أن نسأل: هل شد الرحال إلى الصحراء بالذبائح إلى مقصورة الشاذلي وطلب العون والمدد منه توحيد لله أم شرك به؟
هل الطواف بالأضرحة والمقاصير وطلب الغوث من أصحابها توحيد لله أم شرك به؟
هل هذه الاضرحة والمقاصير وما يسمونه المقامات والمشاهد من الإسلام أم بدع ومحدثات في الأمور أدت إلى الوقوع في الشرك باللَّه؟ إن ربنا يقول في كتابه: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}، ويقول: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}، هل هذه الآيات لا تنطبق على الذي يطلب العون والمدد والغوث من الدسوقي أو الشاذلي أو الحسين رضيَ اللَّهُ عنه؟ أليست هذه هي الوثنية التي أشار إليها الأستاذ أحمد حسين في تفسيره لسورة الأحقاف منذ حوالي سبعة أعوام.
قبل أن تتهم دعاة التوحيد بالتطرف أدعوك إلى الذهاب إلى الصحراء بمحافظة أسوان يوم عرفة، حيث مقصورة الشاذلي ستجد ذبحًا لغير الله، ونداء لغير الله، أليست هذه وثنية؟
قبل أن تتهم دعاة التوحيد بالغلو والتطرف أدعوك للذهاب إلى طنطا لترى وتسمع ما يدور هناك، الذبائح تساق إلى ضريح البدوي، والقوم يطلبون منه ما لا يطلب إلا من اللَّه، أليست هذه صيحات شرك؟
يا قوم: اتقوا اللَّه وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، يا قوم، أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار؟
أقول ما قاله الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَعِنُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.
صابر خليفة حميدة
فايل 2-mg
3