لمحات في سورة الفاتحة أيضًا
للأستاذ محمد محمد أبو عللو
رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بدمنهور
خطبنا الأستاذ محمد أبو عللو إمام جماعة أنصار السنة بدمنهور في الجمعة قبل الماضية من سورة المرسلات فأتى على الظل ذي الثلاث شعب ، فقال عنه أنه يرى أن ما يمكن أن يفيده ذكر التثليث فيه أن يظل ثلاث طوائف مختلفة الاتجاه وإن جمع بينها استحقاق العذاب ، وهي طائفة اللاهين الغافلين والشهوانيين الماديين وأصحاب الشبه المتخبطين ، واستحسن كل الحاضرين هذا الفهم واقترح بعضهم عليه كتابته وأمثاله من مختاراته ومفاهيمه حتى لا تضيع سدى ، ولكنه اعتذر بكثرة الشواغل وضيق الوقت .
وفي الجمعة الماضية طلع علينا بتفصيل معجب لمعاني الفاتحة قال إنه استوحاه من طول معايشته للقرآن أولاً ، ومن تعرض الشيخ الباقوري للكلام على الفاتحة في بعض أحاديثه الصباحية بالإذاعة خلال الأسبوع ثانيًا ، ثم طالعتنا مجلتنا الحبيبة في عددها الحالي ربيع الثاني بطرف من الكلام عن نفس الموضوع .
وبالنظر لطرافه وأصالة ما حدثنا به الأستاذ أبو علو عنه أحببت أن ألخصه لقراء مجلتنا الكرام فيما يلي فأقول وباللَّه التوفيق :
ابتدأ المفسر حديثه بالتنبيه على أن البسملة وإن كانت آية من القرآن باتفاق إلا أنها مستقلة بنفسها عن الفاتحة كما هي مستقلة عن بقية السور المصدرة بها ، ثم شرع في تقسيم الفاتحة إلى سبعة مقاصد وأهداف رئيسية قال : إنه يرجو أن تكون هي المعنية بمراد الله بالسبع المثاني ، ثم أخذ يربط بين هذه المقاصد وبعضها ، ثم بين القرآن ككل إلى القارئ الكريم ما حضرني من هذا التقسيم :
1- { الحمد لله } : هو المقصد الأول من مقاصد الفاتحة الكبرى ومعناه الثناء الحق على اللَّه بما هو أهله وما هو ثابت له ومتحقق لذاته ، ولأنه الله المتصف بجميع الكمالات الإلهية والمنزه عن جميع النقائص ، وسواء حمده الخلق أو لم يحمدوه فهو سبحانه المستحق للحمد كله لا يحصى غيره ثناء عليه كما أثنى على نفسه .
ب- { رب العالمين } : أي كما استحق سبحانه الحمد كله بأنه الله فهو مستحق له كذلك لأنه المربي لجميع خلقه وعباده والمبلغ لكمالاتهم اللائقة بهم شيئًا بعد شيء .
جـ- الرحمن : وكذا هو المستحق للحمد كله لرحمانيته التي هي اتساع رحمته لجميع خلقه برهم وفاجرهم .
د- الرحيم : وكذا هو مستحق للحمد كله لرحيميته بمعنى اختصاصه بهدايته وإسعاده صفوته من عباده .
هـ- مالك يوم الدين : وكذا هو مستحق للحمد لمالكيته وحده ليوم الجزاء الأكبر وما فيه من ثواب وعقاب لا ينازعه فيه منازع حيث يتجلى عدله وقدرته وجبروته إلى جانب لطفه ورحمته وغفرانه .
و- إياك نعبد : وهذا هو المقصد الثاني من مقاصد الفاتحة الكلية ، ويعني إقرار الخلق جميعهم لله بلسان الحال قبل لسان المقال ، بعبوديتهم له وخضوعهم لنواميسه وأحكامه إلى جانب شرعه ودينه ، ويشمل العبادة الجبلية والقهرية بالإضافة إلى الإرادية والاختيارية وهذا ما يليق بالمعنى المتكامل للعبودية وبالآية معًا على ما فصلته آيات القرآن المحكمة الواضحة كل في مكانها .
ز- وإياك نستعين : وهذا هو المقصد الثالث من مقاصد الفاتحة العظمى ، ويعني إقرار الخلق كلهم للَّه بلسان الحال والمقال جميعًا بحاجتهم لعونه وتأييده كل ما هو بسبيله .
ح- اهدنا الصراط المستقيم : وهذا هو المقصد الرابع من مقاصد الفاتحة الجليلة ، ويعني طلب عباده منه هدايتهم وتوفيقهم لما فيه صلاحهم وسعادتهم ويمكن النظر لهذا المقصد من جانبين متقابلين : أحدهما الجانب الجبلي ونعني به حاجة العباد الفطرية إلى استهداء الله كحاجتهم للاستعانة به وعبادته والتسبيح بحمده ، وثانيهما الجانب الإرادي والكسبي والاختياري في أعمال المكلفين حيث يرشحنا للمقصد الخامس وما بعده من متطلبات للجهد والكسب والعمل والاختيار .
ط- صراط الذين أنعمت عليهم : وهذا هو المقصد الخامس من مقاصد الفاتحة الهامة ، ونعني به طلب العبد من ربه صراحة ووضوحًا أن يعينه ويوفقه لسلوك صراط من أنعم عليهم من صفوة خلقه بأن وفقهم وهداهم لطاعته ورضائه مع أخذه بالأسباب المتاحة له من جانبه وبذله ما يستطيع لتحقيقه .
ق- غير المغضوب عليهم : وهذا هو المقصد السادس من مقاصد الفاتحة الضرورية ، ويعني سؤال الله أن يجنب سائليه أن يسلكوا سبل المسخوط عليهم من ربهم ومن الصالحين من عباده لكفرهم وعنادهم أو كبرهم وتعاظمهم .
ل- ولا الضالين : وهذا هو المقصد السابع والأخير من مقاصد فاتحة الكتاب الأساسية ، ويعني سؤال الله أن يقي سائليه الزلات والعثرات وأن يجنبهم موارد الحيرة والاضطراب ، ويمكن إدراج هذه المقاصد الثلاثة الأخيرة تحت مالكية الله ليوم الدين كما يمكن استخلاصها من سير وتعاريف القرآن والسنة للسابقين وللاحقين .
كما يمكن إدراج طلب الهداية للصراط المستقيم تحت اسمه تعالى الرحيم ، والإقرار وطلبه العون منه تحت اسمه الرحمن ، والإقرار له بالعباد