كلمة التحرير
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول اللَّه ( وبعد )…
اجتمع بالقاهرة مؤتمر للهيئات والجماعات الإسلامية لمدة ثلاثة أيام آخرها الخميس 29 جمادى الآخرة 1397 الموافق 16 يونيه 1977، وقد اشترك في المؤتمر الأزهر وهيئاته ومنها جامعة الأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية، وإدارة الوعظ والإرشاد، والإدارة العامة للدعوة بوزارة الأوقاف. وقد أصدر المؤتمر في ختام جلساته بيانًا إلى الأمة الإسلامية عن العودة إلى شريعة اللَّه، كما اعلن توصياته التالية ( كتبنا هذه التوصيانت نقلاً عن جريدة الأهرام الصادرة يوم الجمعة 30 جمادى الآخرة 1397 الموافق 17 يونيه 1977 ):
1- كل تشريع أو حكم يخالف ما جاء به الإسلام باطل، ويجب على المسلمين رده، والاحتكام إلى شريعة اللَّه التي لا يتحقق الإيمان إلا بالاحتكام إليها.
2- الأمر بتطبيق الشريعة الإسلامية، فليس لأحد أن يبدي رأيًا في وجوب ذلك، ولا تقبل مشورة بالتمهل أو التدرج أو التأجيل.
3- أن التسويف في إقرار القوانين الإسلامية، معصية لله ورسوله، واتباع لغير سبيل المؤمنين. وعلى الهيئة التشريعية أن تبرئ ذمتها أمام اللَّه والناس بإقرار مشروعات القوانين المقدمة إليها.
4- ينظر المؤتمر بعين التقدير إلى ما صرح به السيد رئيس الجمهورية من عزمه على تطهير أجهزة الدولة من الملحدين،ويناشده سرعة التنفيذ حرصًا على سلامة الأمة وقوة بنيانها.
5- يناشد المؤتمر السيد رئيس الجمهورية إصدار أوامره بتطهير وسائل الإعلام من الموبقات الأخلاقية التي تحرج صدور المؤمنين، وتمزق نفوس الشباب،وتستهين بالجرأة على حدود اللَّه.
6- وجوب تربية النشء في جميع مراحل التعليم تربية دينية، تكون الضمير الديني، وتغرس مكارم الأخلاق، ليكون الشباب مسلمًا في جوهره ومظهره.
7- تكون اللجنة التنفيذية للمؤتمر في حالة انعقاد مستمر لمتابعة الجهود في سبيل تنفيذ هذه القرارات التي تعبر عن إجماع الأمة على ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية.
* * *
ومجلة التوحيد الناطقة بلسان حال جماعة أنصار السنة المحمدية تعلن تأييدها الكامل لهذه التوصيات، فطالما نادينا بتحكيم شريعة اللَّه التي لا إصلاح للمجتمع بدونها، والتي لا يتحقق الإيمان إلا بالاحتكام إليها، وذلك عملاً بقول اللَّه تبارك وتعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} فشريعة اللَّه لا بد من التسليم بها والإذعان لها، يقول اللَّه سبحانه لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}.
ولكننا نستلفت نظر العلماء بالذات إلى أمر نراه هامًا، ألا وهو إقامة المجتمع الإسلامي المتكامل البنيان، حتى لا تتحول التشريعات الإسلامية بعد إقرارها إلى مداد على ورق، فإن القوانين وحدها لا تكفي لإقامة المجتمع المسلم، وخير دليل على ذلك أن الدستور الحالي- بل والدساتير السابقة أيضًا- ينص على أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام، وعلى أن الشريعة الإسلامية مصدر إساسي للتشريع، وبالإضافة لهذا فقد أعلن رئيس الدولة قيامها على أساس من العلم والإيمان، ورغم هذا لم نر بادرة عمل واحدة لإخراج هذه الشعارات لتكون واقعًا في حياة الناس.
نريد إقامة المجتمع المسلم كما أراده اللَّه تعالى، وكما قلنا فالقوانين وحدها لا تكفي، فلو أصدر قانون بتحريم تناول الخمور وتوقيع الحد على شاربها، فما جدوى هذا القانون ومصانع الخمور التي يشرف عليها القطاع العام تعمل ليل نهار بحجة التصدير والعملة الصعبة…؟ ما فائدة هذه القوانين إذا استمرت الدولة على سياستها في استيراد بعض أنواع الخمور بحجة السياحة…؟ فالنظرة يجب أن تكون عامة شاملة للموضوع كله بحيث ينتهي إنتاج الخمور واستيرادها وتداولها وكل لون من ألوان التعامل معها بيعًا أو شراء أو غير ذلك.
وإذا كنا قد تكلمنا عن الخمور، فليس الأمر موضوع الخمور وحدها، ولكنه مثال نضربه، والأمثلة كثيرة.
كيف يتمكن الدين من تقويم أخلاقيات المجتمع بينما الملاهي والمراقص تنتهك فيها الفضائل والحرمات طوال الليل، وتنشر إعلاناتها الدعائية في الجرائد والمجلات ليراها كل الناس حتى الذين لا يعرفون الطريق إليها…؟ أليس ذلك فتنة للشباب خاصة…؟
كيف يتمكن الدين من تقويم اخلاقيات المجتمع بينما الاختلاط الشائن للرجال مع النساء في المكاتب والمعاهد والجامعات… حتى الجهات الدينية الرسمية كوزارة الأوقاف وغيرها…؟
كيف يتمكن الدين من تقويم اخلاقيات المجتمع بينما وسائل الإعلام التي تدخل البيوت مثل ( الراديو والتليفزيون ) تذيع سمومها على الناس…؟
كيف يتمكن الدين من تقويم اخلاقيات المجتمع بينما الناس يعبدون عاداتهم وتقاليدهم الموروثة، ويعتبرون الدين شيئًا ثانويً