بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير
أيها المتعاطفون… ما رأيكم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إذا كان الإسلام عقيدة وسلوكاً، فلا شك أن سلامة العقيدة هي الأساس الأول الذي تقوم عليه كلمة التوحيد، ثم يأتي بعد ذلك دور السلوك. ولا قيمة لأي سلوك إسلامي إلا مع العقيدة السليمة التي كان عليها السلف الصلح من هذه الأمة.
إن الخلاف بين طوائف المسلمين وفرقهم المتعددة حول العقيدة، لا يعد خلافاً حول أمور فرعية، بل هو خلاف حول الأصول. ويكفي أن يعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عالية مدوية أن هذه الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة، هي التي تكون على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم. وبالطبع فإن مآل هذه الفرق إلى النار لا يكون بسب اختلافهم في الفرعيات، وإنما لاختلافهم حول مفهوم كلمة التوحيد التي هي أساس كل الرسالات السماوية.
من هنا كانت نظرتنا إلى الفرق التي نشأت بعد عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، هذه الفرق التي جاءت بمعتقدات جديدة ما أنزل الله بها من سلطان. وفرقة الشيعة إحدى هذه الفرق.
تناولنا الحديث على صفحات مجلة التوحيد عن هذه الفرق وضمنها الشيعة: كيف تكونت، وما هي عقائدها، وذلك قبل قيام النظام الحالي في إيران، الذي بدا أمام العالم بأنه نظام يدعو إلى الإسلام.
وكان رأينا معروفاً، وهو أن المسألة ليست مقارنة بين حكم الشاه وحكم الخوميني، وإنما القضية أن الشاه شيعي والخوميني أيضاً شيعي. وفكر الشيعة واعتقادهم معروف لمن درسه حتى في مراجعهم. فيكفي أنهم يعتقدون أن القرآن الذي بين أيدينا اليوم، قام أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم بتعديل وتغيير وتحريف بعض آياته كي يستبعدوا – كما تقول الشيعة – الآيات التي نصت على أن علي بن أبي طالب ولي الله وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويكفي أنهم يعتبرون أن أبا بكر وعمر وعثمان وأكثر الصحابة كفاراً – والعياذ بالله. ويكفي أنهم يطلقون على أبي بكر وعمر أنهما الجبت والطاغوت وأنهما صنما قريش… إلى آخر هذه المعتقدات التي امتلأت بها كتبهم، ومنها ما يعف اللسان عن ذكره. فإذا ما قامت ثورة شيعية في إيران أو في غيرها، فإن عقيدتهم معروفة مهما أخذوا ببعض المظاهر الإسلامية.
ولكن … لقلة بضاعة البعض العلمية حول الشيعة تعاطف الكثيرون مع ثورة إيران، وظنوها صورة صادقة للإسلام كما يجب أن يكون. ثم أخذوا يدافعون عن تصرفات قادة هذه الحركة، تلك التصرفات التي لا يقرها الإسلام بحال من الأحوال.
ومن عجب أن هؤلاء المتعاطفين مع ثورة إيران كانوا –وما زالوا – يحكمون على الأمور بمعيارين مختلفين: إذا قرأوا على صفحات الجرائد أن الخوميني أمر بالأخذ ببعض السلوك الإسلامي كالحجاب، أو منع ارتداء (المايوهات) على الشواطئ فرحواواستبشروا. وإذا ما قرأوا على صفحات نفس الجرائد أن قوات الخوميني تقتل – كل يوم – الأقلية السنية في قطاع التركستان قتل إبادة قالوا لنا لا تصدقوا وكالات الأنباء … وهكذا.
إننا نرثى لهؤلاء المتعاطفين مع الشيعة، لأن تعاطفهم هذا نوع من الموالاة التي قد يُحاسبون عليها يوم القيامة… لأن المرء يُحشر على دين خليله، فقد يحشرون على دين الشيعة.
وإني أهدى لهم آخر ما صرح به الخوميني وتناقلته وكالات الأنباء ولعلهم يكذبون ذلك أيضاً. يقول الخوميني: «إن المهدي الذي بشرت به الأحاديث النبوية والقادم في آخر الزمان هو الإنسان الكامل، بل والأكثر كمالاً من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) . إن كل الأنبياء فشلوا في تحقيق العدل والإصلاح، وحتى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) فشل هو الآخر في هداية الناس، ولن يفلح في هداية الناس إلا المهدي» انتهى.
وأقول للمتعاطفين مع الخوميني: هذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أجمعت الأمة على أنه أكمل خلق الله على الإطلاق، والذي أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ هذه الرسالة كاملة، وأدى الأمانة دون تقصير… حتى هذا الرسول صلوات الله وسلامه عليه لم يسلم من لسان الخوميني، فينقص من قدره أمام المهدي ثم يتهمه بالفشل.
لهذا الحد وصلت الجرأة بالخوميني – بل الوقاحة – أن يصرح بهذه الآراء التي قد تنتشر وتروج بين الناس حتى يصدقوها. وللأسف… العالم الإسلامي لا يستنكر ولا يرد على هذه الوقاحة. فلم نقرأ إلا استنكاراً واحداً أصدرته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة تلاه استنكار من بعض علماء المغرب.
ولكني أستدرك فأقول: ليس غريباً أن يلصق الشيعة النقص برسول الله صلى الله عليه وسلم وأن يتهموه بالفشل، فمما سمعناه من بعضهم أن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه لن يدخل الجنة إلا بعد أن يتطهر فرجه في النار لأنه باشر عائشة وحفصة بنتي أبي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعاً.
أيها المتعاطفون… ما رأيكم؟.
رئيس