بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير
كفاكم تشويهاً لصورة الإسلام
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن الصحافة في أي بلد هي المرآة التي ترى فيها الأمة صورتها وترى فيها الترجمة الحقيقية لما يخالجها من آمال أو آلام. فإذا ما كان حملة الأقلام الذين يعملون في حقل الصحافة يتقون الله فيما يكتبون فسيكون لذلك أكبر الأثر في نهضة الأمة، لأنهم حينئذٍ يقدمون للناس عصارة فكرهم بعد أن يكونوا قد صبغوه بالصبغة الإسلامية حسبما أراد الله تعالى.
أما إذا كان هؤلاء الذين يقدمون كتاباتهم للناس على صفحات الجرائد من الذين لا يفهمون الإسلام، أو من الذين يحاربون دين الله سواء بجهل أو عن كراهية وسوء نية، فهنا مكمن الخطر، لأنهم قد يؤثرون في الناس بما يقدمونه لهم من فكر منحرف، وذلك لقلة أو لانعدام الثقافة الدينية عند الكثيرين. فهم بهذه الجرعات المسمومة التي يبثونها في أدمغة قرائهم يعملون على هدم العقيدة الإسلامية وتشويه صورة الإسلام.
والخطر الأكبر أنه لا يمر يوم دون أن نرى شيئاً من هذه السموم على صفحات جرائدنا، وأنا لا أقصد بهذا ما تنشره الصحف من إساءة إلى الأخلاق العامة، وإنما أقصد الطعنات التي توجه للإسلام مباشرة. وأستطيع أن أقدم لك يا أخي القارئ فقرات مما نُشر خلال ثلاثة أيام متتاليات:
السبت 16 فبراير 1980
نشرت جريدة الأهرام رسماً ((كاريكاتيرياً)) لرسامها المعروف صلاح جاهين صور فيه الخوميني وقد تربع على كرسي كبير وامتدت لحيته إلى الأرض بطول مترين، وقد جلست جاريتان صغيرتان تمشطان له لحيته وإحداهما تسأله (قال صحيح يا مولانا.. أن الرجل كلما طالت لحيته قل عقله؟).
وبصرف النظر عما يعتقده الخوميني والشيعة عموماً من عقائد فاسدة – فليس هذا موضوعنا الآن – فإن هذا الرسام عندما يتهكم بهذه الكلمات فإن مدلولها ينطبق على كل ذوي اللحى. فإن المفهوم الذي يريد أن يضعه أمام قراء الجريدة أن كل صاحب لحية يقل عقله، وكلما طالت اللحية شيئاً فشيئاً اقترب صاحبها من السفه أو الخبل أو الجنون.
ألا يعد هذا استهزاء وطعنا في كل مسلم أرخى لحيته بما في ذلك علماء المسلمين في كل بقاع الأرض؟. بل ألا يعد كذلك احتقاراً وهجوماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صحابته والتابعين لهم؟ إنهم كانوا جميعاً يطلقون لحاهم تنفيذاً لأمر رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بمخالفة المجوس ومخالفة المشركين.
إذا لم يكن هذا طعناً واستهزاءً واحتقاراً للإسلام والمسلمين فماذا نسميه؟
• • •
الأحد 17 فبراير 1980
وفي جريدة الأهرام أيضاً تحت عنوان ((مواقف)) كتب الصحفي أنيس منصور حيث بدأ كلمته بقوله (هناك اهتمام ديني في وسائل الإعلام. والاهتمام جاء فجأة، كأننا نمنا وصحونا، وجاءت صحوتنا على صورة انزعاج عام. فأرحنا أنفسنا بالتحدث إلى أنفسنا وإلى غيرنا. ويبدو أننا استرحنا إلى ذلك).
ثم يقول (وعندي بضعة أسئلة: كيف جاء هذا الاكتشاف؟ ومن الذي قرر أن الذي ينقصنا هو المعلومات الدينية؟ ومن الذي قال أن رجال الدين هم أقدر الناس على تحقيق ذلك؟) ثم يجيب الكاتب بأن الذي ينقص الناس ليس هو الدين فإن الدين موجود إنما الذي ينقصهم (هو الإيمان أي اتباع دين وتطبيقه والتضحية من أجله).
وهكذا يتغنى أنيس منصور بهذه النغمة الجديدة التي تجعل الإسلام في صف واحد مع الرسالات المنسوخة والأديان الوثنية. فسواء اعتنق الإنسان الإسلام أو الصليبية أو اليهودية أو البوذية أو الهندوكية أو … إلخ، فالكل سواء والكل حق. ولنضرب عرض الحائط بكلام الله عز وجل الذي يقول فيه ((إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)) [آل عمران:19] والذي يقول فيه ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين))[ آل عمران: 85] وغير ذلك من الآيات. فالناس في رأي هذا الكاتب ينقصهم أن يعتنقوا أي دين ويطبقوه ويضحوا من أجله، بصرف النظر عن كنه هذا الدين.
وبالطبع لا ينسى أنيس منصور في كلمته أن يشير إلى صحوة الشباب المسلم في مصر، ولكن يعبر عنها بقوله ( وما نعرفه جميعاً: هو أن هناك شعوراً بالإشفاق والانزعاج من السلوك (الغريب)) لبعض الشبان ذوي اللحى الطويلة والفتيات المحجبات. ورأيى الشخصي أن لا شيء يزعج في ذلك)… إلخ.. ثم يدعو إلى التفاوض مع هذا الشباب قياساً مع ما تم من مفاوضات مع العدو الإسرائيلي، فيقول ( وإذا كنا من أجل السلام قد أنهينا الحرب والمقاطعة والقطيعة وأزلنا عوائق النفس عن طريق التفاوض مع أعدائنا. فكيف لا نفعل ذلك مع أبنائنا ).
ويختم كلمته بقوله (وأولاً وقبل كل شيء يجب أن نتفق على أن الخلاف ليس كله دينياً).
وبدوري أريد أن أسأل هذا الكاتب عن ذلك الذي يريد أن نتفق عليه أولاً وقبل كل شيء: ما هي أسباب الخلاف إذا لم يكن دينياً؟
تنزعجون من لحى الشباب ومن حجاب الفتيات وتسمونه سلوكاً ((غر