كلمة التحرير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللَّه ” وبعد”
لو كانت الدول التي تنتسب إلى الإسلام تغار على دينها كما يغار أصحاب المذاهب الوضعية على مذاهبهم لعملت هذه الدول على صبغ مجتمعاتها بالصبغة الإسلامية، وهذا يقتضي بالتالي أن تكون وسائل الإعلام فيها متمشية تمامًا مع أحكام هذا الدين. أما أن نترك واحدًا يبني وغيره يهدم، فإن ذلك استنفاد لجهود المسلمين المخلصين، وتمكين لأعداء الإسلام الذين لا يملون الطعن فيه والحط من شأنه.
ولو كان الطعن في الإسلام آتيًا من شيوعي أو صليبي مثلاً لكان ذلك واضحًا لكل المسلمين في كل بقاع الأرض، أما أن يأتي الهجوم على الإسلام من بعض المنتسبين إليه اسما، فتلك هي الطامة الكبرى وخاصة عندما تأتي بعض وسائل الإعلام في دولة تعتبر نفسها مسلمة فترحب بهذا الطعن والتهجم وتفتح له ذراعيها.
أقول هذا لمناسبة ما قرأته على لسان طبيبة مصرية ضالة دأبت على مهاجمة شريعة اللَّه، والترويج لمبادئ الانحلال والفوضى الخلقية، حتى أنها منذ سنوات قريبة طبعت كتابًا لها في لبنان عن المرأة والجنس طالبت فيه أن يسمح المجتمع للفتاة أن تمارس العلاقة الجنسية قبل الزواج حتى تكتسب بذلك خبرة في هذه الأمور، وقالت كلامًا آخر كثيرًا يعف الإنسان عن ذكره لبشاعة قذره ونتنه، ومع الأسف كان هذا الكتاب يباع في شوارع القاهرة.
والذي قرأته لها مؤخرًا هو حديث صحفي أجري معها في تونس بمعرفة إحدى جرائدها أعلنت فيها- دون حياء- إلحادها باسم الثورة على الرجعية وباسم قضية المرأة.
وإذا كنت أنقل لك فقرات من حديث الوقاحة والإجرام، فلنعلم ما وصلت إليه الصحافة في بعض بلاد المسلمين من حقد أسود على الإسلام.
تقول الطبيبة في معرض حديثها عن مظاهر تخلف المرأة العربية ( إن قوانين الزواج والطلاق ما تزال تجعل الرجل في معظم البلدان العربية سيدًا للمرأة ووصيًا عليها. إن المرأة لا تزال تربي منذ الطفولة على أن تكون زوجة وأما… وهذه نظرة متخلفة لعمل المرأة ) ثم توضح أن من أسباب تخلف المرأة ( التقاليد التي تفصل بين جنسين والتي تفرض عليها قيمًا أخلاقية متخلفة.. ) ثم تعترض على ما تسميه الطاعة العمياء أو طاعة المحكوم للحاكم وطاعة الابن للأب وطاعة المرأة للرجل ).
وفي معرض الحديث عن نظام الأسرة تقول بالحرف الواحد: ( لا بد من جهود مضاعفة لإلغاء سلطة الرجل على الأسرة ) ألا يعد ذلك هجومًا على كتاب اللَّه الذي يقول فيه عز وجل {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء}؟.
وتتحدث عن الحجاب والزي الإسلامي فتقول هذه الجاهلة: ( والحجاب لم يبدأ في الإسلام إنما في اليهودية والمسيحية ) ثم تقول: ( لا يوجد في الإسلام شيء اسمه الزي الإسلامي.. إن الحجاب دخيل على الإسلام، لقد تخلى اليهود والمسيحيون عن الحجاب وألصقوه بالمسلمين، وهذا نوع من التضليل الذي يجب أن ننتبه إليه ).
وتعلق مرة أخرى على قوانين الزواج والطلاق فتقول: ( إن قوانين الزواج والطلاق في معظم البلدان العربية فيما عدا تونس والصومال واليمن الجنوبي ( من الجدير بالذكر أن هذه الدول التي أثنت عليها الطبيبة ( تونس والصومال واليمن الجنوبي ) قد بدلت وغيرت كثيرًا من شرع اللَّه سبحانه وتعالى، ومما غيرته وبدلته أن ألغت في نظامها الطلاق وتعدد الزوجات ) قوانين متخلفة جدًا أسوأ من القوانين التي كانت في العهد الإسلامي الأول.. ).
وتأمل هجومها السافر على شرع اللَّه عندما توضح تقييمها لموقف الدين من المرأة حيث تقول: ( من الناحية التاريخية وبالمقارنة مع الأديان الأخرى السابقة يعتبر الدين الإسلامي أكثر تقدمية في نظره للمرأة. لكن توجد فيه أيضًا بعض نواحي ظلم وقهر للمرأة نابعة من أنه ظهر في عصر معين وفي ظروف اقتصادية واجتماعية معينة ) وبعد أن اتهمت اللَّه عز وجل بهذا الظلم- تعالى اللَّه عن ذلك علوًا كبيرا- تناولت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالتجريح حيث زعمت أنه كان مرة يدعو إلى كثرة النسل ومرة أخرى يدعو إلى تحديد النسل. ثم قالت بعد ذلك بالحرف الواحد: ( لا يمكن أن ندرس موقف الدين من آيات متفرقة أو من أحاديث منفصلة عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي ظهرت فيها. وإنما يجب أن يوضع الدين في إطاره التاريخي حتى لا يحدث نوع من التضليل ) ولا يعني هذا إلا أن الإسلام مجرد مذهب اقتضته هذه الظروف التي وجد فيها، وينتهي دوره بانتهائها، شأن كل النظريات والفلسفات التي يأتي بها أصحابها من البشر من عند أنفسهم.
وأشياء أخرى كثيرة قالتها مما امتلأ به كيانها من حقد على دين اللَّه.
* * *
إن المتأمل في حديث هذه الطبيبة يرى أنها تريد مجتمعًا انحلاليًا لا يعرف للدين طريقًا، مجتمعًا من الكلاب والخنازير، يمارس فيه الزنى علنًا.
وإني لا أتناول أمر هذه المرأة بالحديث، فأمرها معروف حيث يعتبرها الإسلام مرتدة عن دينها، ولو كان مجتمعنا مسلمًا حقًا يقيم