كلمة التحرير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللَّه ( وبعد )…
فقد بينت في مقال العدد الماضي أن هناك فرق كبير بين حب الصالحين وما يفعله الناس باسم هذا الحب، وقلت إن مسألة الحب لا خلاف عليها أبدًا، إنما القضية هي أعمال الشرك التي يأتيها الناس باسم هذا الحب.
قال محدثي: لماذا تسمون هذا التعبير عن الحب شركًا وكفرًا؟ فمثلاً لو قلت مدد يا فلان أو نظرة يا فلانة.. فأين الشرك في هذا؟
قلت: لسنا نحن الذين نسمي هذا شركًا أو كفرًا، ولكن اللَّه جل في علاه هو الذي سماه كذلك، ألم يقل اللَّه تبارك وتعالى: {إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}؟ ألم يقل اللَّه عز وجل: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّكَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ}؟
قال محدثي: ولكنهم لصلاحهم وتقواهم أقرب إلى اللَّه منا، فنحن نتوسلهم إلى اللَّه سبحانه، ولم نقل أبدًا إنهم آلهة يخلقون أو يرزقون.
قلت: نفس الحجة التي قالها المشركون على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فرغم اعترافهم بأن اللَّه عز وجل هو الخالق والرازق كما ذكر القرآن العظيم {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأرض مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} رغم اعترافهم بهذا لجأوا إلى غير اللَّه لكي يتقربوا إلى اللَّه بزعمهم، يقول اللَّه سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأرض سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} فأنت ترى أن اللَّه يسمي ذلك شركًا ولم نأت نحن بهذه التسمية من عندنا.
قال: ولكنكم قلة، بينما الغالبية هي التي تلجأ إلى قبور الصالحين، فهل تكون هذه الأغلبية على الباطل وأنتم على الحق؟
قلت: اسمع يا أخي: إننا نؤمن إيمانًا راسخًا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا قال قولاً واعترض عليه العالم كله، فرسول اللَّه صلوات اللَّه وسلامه عليه على الحق والعالم كله في ضلال وعلى الباطل، فالعبرة ليست بالكثرة العددية، ولكن بمطابقة أفعال الناس لما قاله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، ولماذا نذهب بعيدًا عن النصوص: ألم تقرأ في القرآن العظيم ما قاله اللَّه سبحانه لرسله عليه الصلاة والسلام: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأرض يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}؟ ألم تقرأ قول اللَّه عز وجل: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ}؟ وقوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}.
إن الكثرة ليست مقياسًا لمعرفة الحق والباطل، فأنت لو نظرت إلى العالم كله لوجدت الكثرة من غير المسلمين… وهكذا.
قال محدثي: ولكن سكوت العلماء على ما يفعله الناس، ألا يعد ذلك دليلاً على مشروعية ما يفعلونه؟
قلت: إن علماء المسلمين مسئولون مسئولية كبرى أمام اللَّه عز وجل لتهاونهم في هذا الأمر، فلو تكلموا لعلم الناس الحقيقة. خذ مثلاً ما نشرته جريدة الأخبار القاهرية يوم الجمعة 9 من ذى القعدة 1397 الموافق 21 من أكتوبر 1977 تحت عنوان ( رجاء من عميد أصول الدين إلى وزير الأوقاف ) قالت: الجريدة بالنص:
مكتوب بالخط الموشي بالذهب فوق الباب المؤدي إلىالقبة بجوار منبر مسجد سيدنا الحسين ما يأتي: ( ذكر أبو السعود في شرحه على الترمذي حديثًا في حق الحسين رضي اللَّه عنه وهو أنه عليه الصلاة والسلام قال: الشفاء في تربته والإجابة تحت قبته والأئمة من ذريته أو عترته ) فهل هذا الكلام حديث شريف صحيح؟
وجه هذاالسؤال عبد الحميد خورشيد موظف بالمعاش ويجيب عليه فضيلة الدكتور موسى شاهين لاشين عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فيما يلي:
هذاالسؤال يتعلق بثلاث نقاط:
أولاها: النقوش في المساجد، وهي بدعة سيئة، على من ابتدعها وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لأنها تشغل المصلي عن الصلاة وعن ذكر اللَّه.
ثانيتها: توشية هذه النقوش بالذهب، وهو إسراف وإضاعة للمال محاسب عليه يوم القيامة. فقيمة ما يكتب في مدلوله وتشريعه لا في طلائه، وما أحوج فقراء المسلمين إلى قيمة الطلاء لا نفس الطلاء، وإذا كان الإسراف في المال حرام أو مكروه كنقوش المساجد كان إثمه أعظم وعقوبته أشد عند اللَّه.
ثالثتها: نفس الحدي