فتاوى .. رجال الأعمال
بقلم
محمد جمعة العدوي
من الناس .. من يحاول أن يحمي موقعه، ويبرر موقفه…. ينتحل الأدلة التي تؤكد ما يقول ولو كان في ذلك امتهان لشرع الله، وتسخير لأحكامه لتوافق هواه.. من هؤلاء.. العالم الدكتور عبد الرحمن النجار مدير المساجد.. الذي يتصدى للفتوى في هذه الأيام..
ففي مجلة أكتوبر 16/12/1979 تقدم أحد القراء بسؤال يقول فيه: ((ما حكم الشرع في الصلاة خلف أضرحة الأولياء؟)).. ولا بد أن نلاحظ أن السؤال موجه إلى عالم من علماء الإسلام حصل على الدكتوراه فيما يخدم هذا الإسلام، وليس موجهاً إلى شيخ من شيوخ الطرق الصوفية، الذين يعرفون عن شيوخهم أكثر مما يعرفون عن نبيهم، ويتوجهون بطلب المدد من شيوخهم، ولا يطلبونه من خالقهم.. لكن العالم الدكتور فجع المسلمين بفتواه التي تقول: ((للمصلي أن يصلي عن يمين الضريح أو يساره)). والواقع أن شيخنا كتم الحق الذي كان يجب أن يصدع به، ربما ليحل لنفسه ولغيره النسبة المئوية التي يتقاضاها من إيراد صناديق النذور.. لأن شيخنا بالتأكيد لا يجهل ما رواه أحمد ومسلم عن أبي مرثد الغنوي أن رسول الله قال: ((لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا إليها)) وفي معجم الطبراني عن رسول الله أنه قال: ((لا تصلوا إلى قبر ولا تصلوا على قبر)).. ويعلل العالم الدكتور فتواه فيقول: ((حتى لا يتوهم بأن السجود للضريح لا لله تعالى)).. وهذا التعليل الذي علل به الشيخ فتواه.. كان من الممكن أن يكون عند المنع المطلق من الصلاة. ونسأل العالم الدكتور هذا السؤال.. ما الذي يدفع البعض إلى أن يصلي في المكان الذي به ضريح ويختاره دون بقية الأماكن؟ أليس هو ((التقديس) لصاحب الضريح؟ أليس هو الشعور بأن صاحب الضريح له ((وضع خاص)) عنده ألا يستحضر المصلي في قلبه صاحب الضريح؟ بدليل أنه يسعى مختاراً متعمداً الصلاة في هذا المكان.. لا .. أيها العالم الدكتور. فليس مرور الزمن هو الذي يجعل البعض يبالغ في تقديس الضريح، ولكن ذلك التقديس يأتي بمجرد أن يقال.. أن ذلك ضريح.. والرسول المعصوم عرف تلك الحقيقة، فلم يفرق في نهيه بين قبر حديث، وقبر مر عليه الزمن.. ولكن نهيه قاطع في هذا الموقف، ليسد باب الفتنة في أعظم شيء يملكه المسلم وهو عقيدته..
لكن العالم الدكتور يؤكد فتواه أكثر فيقول : (( وخير دليل على ذلك ما نجده في الصلاة على الميت صلاة الجنازة فليس فيها ركوع وسجود مهما بلغت منزلة الذي يصلي عليه)).. ولا أدري العلاقة التي تربط بين الصلاة في الضريح الذي ورد النهي القاطع عنه وبين صلاة الجنازة. لكن يبدو أن العالم الدكتور يعمد إلى دليل ((القياس)) يريد أن يقيس صلاة بصلاة.. مع أن فضيلته يعلم كل العلم. أن الاستدلال بالقياس لا يكون إلا حين تنعدم الأدلة من كتاب وسنة وإجماع.. أما والأدلة كلها متضافرة على منع الصلاة عند القبور فإن القياس هنا يسقط ونحب أن نلفت نظر العالم الدكتور إلى أن صلاة الجنازة دعاء للميت، لكنها سميت صلاة بالمفهوم اللغوي وهو الدعاء، حيث لا يوجد بها ركوع ولا سجود.. وقد كان الغالب من هديه صلى الله عليه وسلم هو الصلاة على الميت خارج المسجد. ولعل الحكمة في ذلك هي إبعاد المصلين عن اعتقاد أن هذه صلاة مثل بقية الصلوات.
وتتوالى اجتهادات العالم الدكتور. ففي نفس المجلة يتوجه إليه ذلك السؤال: ((نرى كثيراً من زوار أضرحة الأولياء يدورون حول الضريح بما يشبه الطواف. فما حكم الدين في هذا ؟ ويجيب بثقة العالم الدكتور فيقول: الطواف هنا غير جائز . تجوز الزيارة للضريح شريطة ألا يطوف حوله الزائر. ويستحسن أن يوضع حاجز حول الضريح من الخارج ليحول دون إتمام دورة كاملة تشبه الطواف)).. وشيخنا في هذه الفتوى وقع في المحظور الذي يخشاه. إنه يخشى أن يطوف الناس حول الضريح، فاقترح إقامة حاجز يحول دون إكمال دورة كاملة .. وهو يعلم أن الطواف تحقق من حيث المبدأ وليس المهم إكمال دورة. وقد كان الأولى بشيخنا إذا كان جاداً في حماية عقيدته أن يطالب بسد هذه الفتنة، ويفتي بنقل هذه الأضرحة بما فيها إلى قبور المسلمين.. لكن العالم الدكتور عمق في ذهن الناس بهذه الفتوى إباحة الطواف حول الأضرحة من حيث المبدأ، ولكن بشرط ألا يكمل دورة تشبه الطواف.
.. وسؤال آخر تتوجه به المجلة إلى العالم الدكتور.. يقول السؤال: يشاهد زوار ضريح السيدة زينب رضي الله عنها ((صورة سيدة)) ترتدي فستاناً أعلى الضريح؟ ويجيب شيخنا: أنها في الحقيقة ليست صورة، ولكنها ساتر يعلو الضريح، وفي جميع الأضرحة الخاصة بسيدات أهل البيت نجد هذا الساتر.. وهذا السؤال الذي توجه به السائل إلى فضيلة العالم الدكتور يبين لنا إلى أي حد تصل الفتنة بهؤلاء الذين يشدون رحالهم إلى الأضرحة. إن أي شيء يشاهده هؤلاء يفسر على أنه ((كرامة)). فالسيدة زينب تخرج للناس بالفستان وتحييهم.. صحيح أن العالم الدكتور فسر ذلك ((بأنه ساتر يعلو الضريح)).. لكن هذا الكلام لا يص