شبهات حول البيت المسلم
ضمانات لمنع الطلاق
بقلم: محمد جمعة العدوي
الإسلام يضع البناء الكامل لقيام الأسرة السعيدة، واللَّه سبحانه شرع الطلاق لاستعماله في حالات معينة، كأن تستحيل الحياة الزوجية بين الزوجين، ولذلك أحاط الإسلام البيت المسلم بمجموعة من الضمانات والاحتياطات، إذا أخذ بها فإنها تنشيء البيت السعيد الذي لا يخاف الطلاق ولا يفكر فيه.
وأول هذه الضمانات: ألا يجعل المسلم كل همه هو البحث عن زوجة تكفل له حياة مادية، أو تكفل له سندًا من جاه يعزه أو جمال يغريه. فإذا كانت هذه هي غاية الحياة الزوجية، فلا بد أن تصاحبها الأعاصير التي تعصف بالحياة الزوجية.. فإن الزوج سيفيق في يوم ليرى نفسه ذليلاً أمام هذه المغريات التي كان يلح عليها، وبالتالي إما أن يرضى بالذلة التي تنزع منه حياة القوامة التي تقيم حياة الأسرة على أساس من حسن الإدارة.. وإما أن يقاوم هذا الضعف الذي نشأ عنه طغيان المرأة وغرورها. وهو ما يؤدي غالبًا إلى الطلاق.. ويحسم رسولنا هذا الموقف فيقول: ” من تزوج امرأة لعزها لم يزده اللَّه إلا ذلا، ومن تزوجها لمالها لم يزده اللَّه إلا فقرا، ومن تزوجها لحسبها لم يزده اللَّه إلا دناءة، ومن تزوجها لم يرد إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه بارك اللَّه له فيها وبارك لها فيه” ويقول: ” تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”.. والتعبير ” فاظفر” دلالة واضحة على أنه المنتصر الذي كسب الخير كله.
ويقول الرسول: ” إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه: إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”.
الضمان الثاني.. هو أن الحياة الزوجية لا تقوم بالدرجة الأولى على أساس من نداء الجسد وإشباع الغريزة. فإن الغريزة الجنسية لا يمكن أن تقيم بمفردها بيتًا سعيدا، لأنها لذة عارضة، إذا انقاد لها الإنسان فهي لا شك ستحوله إلى حيوان يبحث عن لذته فقط.. إن الحياة الزوجية أسمى من ذلك. إنها مودة وسكن ورحمة، وحياة مشتركة في الأمل والألم. يقرر الإسلام تلك الحقيقة فيقول: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}، {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ} والتعبير بـ ” من أنفسكم” يوحى بأن المرأة جزء من الرجل والرجل جزء من المرأة، وأنها ” وحدة شعورية” لا يستغنى كلاهما عن الآخر.
الضمان الثالث: هوأن الإسلام لا يهمل الميول والرغبات والعواطف- بعكس ما يفهم المتفيقهون- فالبيت الذي يبنى على أساس من القهر وعدم الاقتناع به- غالبًا- الأعاصير والزوابع، فالبنت ليست متاعًا يباع ويشترى، لكن لا بد من مراعاة ميولها فيمن يختارونه شريكا لها فمن حقها أن ترفض طالما أن هذا الرفض موضوعي. يروي ابن عباس ” أن جارية بكرًا أتت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي” ويعطي رسولنا قاعدة عامة أساسها الاعتراف بالميول والرغبات فيقول: ” البنت تستأمر في نفسها وإذنها صماتها والأيم تعرب عما في نفسها”.
الضمان الرابع: أسهمت فيه كتب الفقه. وهو أن ينظر الرجل في نفسه قبل أن يفكر في الزواج: هل يملك القدرة على رعاية زوجته؟ وقد أكد الإسلام على شرطين أساسيين: الأول القدرة على النفقة والثاني السلامة من العيوب التي تجعله عاجزًا عن الممارسة الجنسية. ويحدد ذلك بشكل عام قول رسول اللَّه: ” يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج”.
الضمان الخامس: أن ينظر إليها ليتأكد من أن مستواها الخلقي ( الخلقي: بكسر الخاء وإسكان اللام ) يرضيه، فلا يكفيه أن يسمع من الغير، ولكن لابد أن يرى بنفسه. والإسلام لا يرضى هذا النوع من الزواج، التي تزف فيه المرأة للرجل بدون أن يراها،ولهذا أباح الإسلام النظر إلى الوجه الذي يعتبر سمة الجمال الأولى،والكفين اللذين يعرف بهما درجة النعومة والأنوثة في بقية جسمها. لهذا يقول الرسول: ” إذا أوقع اللَّه في نفس أحدكم من امرأة فلينظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما”، وقال أيضا: ” إن في أعين الأنصار شيئًا فإذا أراد أحدكم أن يتزوج منهن فلينظر إليهن”… وقد أباح اللَّه التعريض بالخطبة للمرأة المعتدة بوفاة زوجها وكذلك من كانت في عدة البينونة، وقد فسر القرطبي التعريض ” بأن يشير إليها دون واسطة إني أريد التزويج. إنك لصالحة. إن اللَّه لسائق إليك خيرًا. إني فيك لراغب” وهذا التعريض بالتخاطب يحتم المواجهة بين الرجل والمرأة بالحديث. وهذا يحتم أن تقف المرأة لتسمع حديث الرجل.. معناه أن الإسلام يعطي للرجل الحق في النظر للبكر، والمخاطبة للمعتدة بالوفاة أو البينونة،وذلك كله حتى لا تقوم الحياة الزوجية على عنصر ” الجهالة” والذي يفاجئ الزوجين بعد ذلك بأنهما غريب