ضرورة عودة المرأة إلى البيت
رد على وزيرة الشئون الاجتماعية
بقلم الدكتور إبراهيم إبراهيم هلال
– 2-
وأما قولها: ( بأنه ليس هناك طفل يظل طفلاً بحاجة إلى رعاية أمه طول العمر ). فهذا ضد طبائع الأمور، وضد التربية وأصولها، فليست مهمة الأم مقصورة على الانتقال بالطفل من السنة الأولى إلى الثالثة كما تقول الدكتورة بعد ذلك.
وإنما مهمة الأم أن يظل الطفل تحت سمعها وبصرها، تباشرهُ تربويًا ونفسيًا، وطبيًا وأدبيًا، وأخلاقيًا إلى سن الخامسة أو السادسة كما اجتمعت على ذلك أسس علم النفس وأصول التربية، بل إن الدين ليرفع ذلك إلى سن العاشرة، فيقول صلى الله عليه وسلم : ” مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشرولادكمأو ” ثم بعد ذلك فهو محتاج إليها لكل نمو يمر به، أو تطور يسير فيه إلى أن يتخرج في مدرسته، أو في جامعته، وإلى أن يصير الفتى أبًا، وإلى أن تصير الفتاة زوجة.
هو محتاج إلى دراستها وخبرتها، وما تعرفه من أصول التربية والحياة، وهي محتاجة إلى فراغ كي تستطيع أن تؤدي له ذلك علىالوجه الأكمل.
إننا في حاجة إلى دراسة الأمومة ومهماتها، لأن نظرتنا إلى الأمومة ما زالت قاصرة ولا تزال تحتاج إلى تقويم، فليست الأمومة مجرد ولادة ورعاية للطفل في شهوره الأولى أو سنيه الأولى، حتى يستوى نموه جسميًا، إنما هي رعاية وتربية حتى يتخرج الطفل مزودًا بكل أسلحته إلى مدرسة الحياة رجلاً، وإلى مدرسة البيت فتاة، لتبدأ ممارسة مهمة أمها.
وما تقوله ( الدكتورة الوزيرة ): ( أرفض هذه الدعوة في وقت نحتاج فيه كدولة نامية لكل يد عاملة من أجل التنمية والتطور ).
فأقول لها، إن احتياجاتنا للمرأة في هذا المجال مجرد خيال وتقليد لمجرد التقليد، ولنجر إحصائياتنا، ولننظر في احتياجاتنا قبل أن نقطع في هذا الموضوع برأي..
ثم إلى أين ذهبت تلك الأجيال التي تخرجت، ولم تعمل، والاحصائيات الرسمية تحدثنا عنها، وعن انتظارها لدورها في العمل؟ وهل هذا التكدس في الخريجين إلا نتيجة عمل المرأة؟ والنجاح الذي تشير إليه في قولها: ( إن أكثر السيدات العاملات الناجحات أمهات ناجحات وزوجات مثاليات من الدرجة الأولى.. ).
فليس ينطبق على النجاح في الأمومة، إلا من وجهه نظرها خاصة، وأما ما تشير إليه بعد ذلك في بقية العبارة فليس ينطبق، إلا على علية القوم- وهن قلة- ممن رأين تسهيلات في السيارة إلىالعمل، ومن العمل، وأدوات الطهي،والغسل والكي الحديث… إلخ، وبما قدرن عليه من إيجاد ( السفرجي )، ( والدادة )، ( والمربية ) فهن قد أخذن العمل لتزجية الفراغ المفتعل، لا لحاجتهن إلى العمل ولا لحاجة العمل إليهن، وليس هذا كله لجيل العاملات، ذوات المرتب القليل، أو المحدود.
وما تقوله عن دور الحضانة وأن وزارتها جادة في توفير هذه الدور من أجل إراحة المرأة العاملة، فأقول لها إن هذا الدور أسوأ نظام عرف في التربية قديمًا وحديثًا، وآثاره الضارة ماثلة أمامنا..
وما الذي استفادته المرأة المحدودة المرتب من العمل، حتى تأتي بهذا المرتب وتدفع به كله، أو أكثر منه، إلى دور الحضانة، لتنوب عنها في تربية أو ( إعاقة ) أو ( تشويه ) أطفالها.
ألا تعرفين أن هذه الدور، إنما هي اختراع شيوعي قديم، اخترعه أفلاطون، ثم أخذت به الدول الأوربية الحديثة، حين وقعت في تشغيل المرأة كعلاج لطارئ وقع؟ هو خطأ تحاول أن تصلح به خطأ، ولكن هيهات، ثم جئنا نحن نجرى وراءها دون تردد أو تفكير؟ إن هذه البيوت، أو الدور، يجب أن يعاد النظر فيها وفي طريقة التربية على أصولها، ولتلغ، وليرد الطفل إلى أمه، كي ينمو سويًا غير مشوه في النفس ولا في الأخلاق.
ثم هل الإجازة- شهرًا أو شهرين، أو سنة أو سنتين، هي الحل، وهي المعين فقط للمرأة على أداء رسالتها؟ ثم ما الذي تستقطعه المرأة من العمل إذا أنجبت ثلاثة أطفال؟ هي ست سنوات لهؤلاء الأطفال الثلاثة ست سنوات إجازة لكل امرأة، إذا كان البيت يطلبها هذا الطلب، فلماذا نربطها بالعمل؟ ثم لماذا نجعل العمل تحت يدها خاضعًا لما تبقى من وقتها بعد البيت؟
لماذا نعرض العمل إلى هذه الهزات. فلتلزم بيتها وعملها، وتترك عمل الرجال للرجال، من أول الأمر.
أقول هذا مشيرًا إلى أنه من الشجاعة أن نعود إلى الحق، وأن نعاود أنفسنا فيما ورطنا المرأة فيه من عمل الرجل، وتورطت الدولة فيه هذه السنين الطويلة، حتى عاد ذلك عليها، بهذه المعاناة الاقتصادية الأليمة، فإن الدولة ليست مسئولة إلا عن مرتب واحد للأسرة، لا مرتبين أحدهما للزوج، والآخر للزوجة، وما درينا ولا عقلنا أن هناك أسرة واحدة ينفق عليها عائلان: الأب، والأم، إلا في حالات الاضطراب والتخلخل. إن هذا المرتب الذي فرض للموظف أول الأمر، فرض له على أنه إعالة أسرة، فلما جاءت المرأة وعملت مع الرجل تحملت الدولة مرتبين للأسرة فكانت حالة الأسرة المالية صالحة شيئًا كثيرًا بسبب الجمع بين مرتبين ، إلى أن مرت الأيام،