شيخ الأزهر والتوحيد
بقلم سليمان رشاد محمد
قرأت في عدد شهر ذى الحجة سنة 1396هـ- ديسمبر سنة 1976م من مجلة رابطة العالم الإسلامي التي تصدر بمكة المكرمة مقالاً في باب المكتبة الإسلامية يعرض فيه الدكتور محمد بن شريف كتاب ( أبو ذر الغفاري والشيوعية ) تأليف فضيلة الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر. ويقول إن فضيلته أورد في مقدمة كتابه: ( إن أخطر ما يتهددنا في عقيدتنا وفي أخلاقنا وفي أموالنا وفي دمائنا هي الشيوعية ) وهذا قول صحيح. ولكنه أردف بعد ذلك فقال: ( إننا شغلنا بالخلافات الفرعية والمماحكات اللفظية وتركنا الأسس وبعدنا عن المجابهة والمجاهدة ) فهل تدري ما هي الخلافات الفرعية والمماحكات اللفظية في نظر فضيلة شيخ الأزهر؟ إنها عقيدة التوحيد ونبذ البدع التي لا يكون المسلم بدونها مسلمًا. فهو يقول: ( هل آن لنا أن نكف عن الحديث عن زيارة القبور، وعن قراءة سورة الكهف، وعن الكتابة في الجبر والاختيار، وعن حمل المسبحة، وعن شد الرحال وهل يتضمن النهي عن زيارة القبور أو لا يتضمنه ). ولنا تعليق قصير على هذا الكلام- مع تقديرنا لمحاربة فضيلته للشيوعية، هذا الوباء القتال للإنسانية بجميع مواهبها وفضائلها، وتحويلها إلى قطيع من البهائم- وتعليقنا أنه نظر إلى عقيدة التوحيد نظرة صوفية، ولو أنه نظر إليها نظرة سلفية لنادى أولاً بالدعوة إلى التوحيد ونبذ البدع، حتى إذا خلصت عقائد المسلمين من كل أثر من آثار الشرك وخلصت عباداتهم من البدع فيومئذ لن تجد الشيوعية لها سبيلاً إلى تلك القلوب النقية التي تطهرت من أدران اتخاذ الأنداد في عقيدتها وشريعتها.
وإني لأعجب كيف يفوت على فضيلة شيخ الأزهر أن الصوفية أخت الشيوعية وأنهما صنوان. وقد سبق أن قرأت عن اتفاق الصوفية والشيوعية في جذورهما، كما سمعت من فضيلة الشيخ محمد مخدوم البخاري- وهو مدرس بالحرم المكي ومن الفارين بدينهم من بلدهم بخارى بعد استيلاء الروس عليها- سمعته يقول: إن دعاة الشيوعية في أول عهدهم بالاستيلاء على بلادهم أتوهم بكتب أئمة الصوفية يتلون عليهم فقرات منها ويقولون لهم: هذا ما في كتبكم، فالإسلام لا يتعارض مع الشيوعية، هكذا كانوا يروجون لمبادئهم الهدامة، وكان الصواب أن يقال أن التصوف لا يتعارض مع الشيوعية، فإن كلاهما يتعارض مع الإسلام ( نرى أن التصوف لا يتعارض مع الشيوعية، لأن المتصوفة يؤمنون بأن اللَّه هو عين كل شيء، كما يقول ابن عربي ( إن العارف من يرى الحق- أي اللَّه- في كل شيء، بل يراه عين كل شيء ) فوحدة الوجود هذه تسوى بين الخالق والمخلوق، وهو نفس ما تؤمن به الشيوعية، لأن الوجود المطلق لله في نظر الصوفية يتساوى مع العدم المطلق في نظر الشيوعية ) ( رئيس التحرير ).
سليمان رشاد محمد
فايل 5 مجلد الخامس : الأعداد 5 – 6
12
– 3 –