رأى في حوادث التخريب
بقلم: محمد جمعة العدوي
ظاهرة تستلفت النظر في حوادث التخريب الأخيرة وهي أن عنصر الشباب تحت العشرين كانوا أدوات التخريب الأولى، كانوا يحطمون ويحرقون كما لو كانوا ملئو حقدًا على مصر وكأنهم يحرقون منشأة للعدو الذي اغتصب أرضهم، وأضاع مكاسبهم…
والسؤال الذي يفرض نفسه هو… كيف استطاع الشيوعيون قيادة هؤلاء الصبية وتوجيههم لما يريدون؟ وللإجابة عن هذا السؤال فإننا يجب أن يكون عندنا من الشجاعة ما نستطيع به أن نواجه مشاكلنا.. وهذا الموقف يحتم علينا أن نقول: إن الدولة بأجهزتها المختلفة هي التي أودت بهؤلاء الصبية إلى هذا المنحنى الخطير.
ومن قبل ذلك صنعت أمثالهم للأمة.. ستقول لي متى كان ذلك؟ أجيبك بأن الثورة في البداية أرادت أن تصنع لها جناحًا فكريًا منظمًا يصوغ عقول الناس حسب أنماط جديدة يريدونها، فكان المعهد الاشتراكي الذي تخرج منه جيل ( منظمة الشباب ).. وتلقف الشيوعيون ذلك المشروع وأصبحوا رجاله وأساس الحركة فيه.. وبالتالي أصبحت مادة الدراسة هي ما يعرضه هؤلاء الشيوعيون من فكر ملحد، وارتباط بالولاء لأمم أخرى، والسخرية من دين الأمة، وتعميق فكرة أن مصر لا تصلح إلا بهذه الأفكار المجلوبة.. كان ذلك في الوقت الذي استحوذ فيه الشيوعيون على أغلب مرافق الدولة الحيوية، وأدوات التوجيه فيها. وعلى حد ما نقله الرئيس السادات في خطابه في 3/2/1977 عن شعارهم ( أن أي ترشيح لمنصب كبير لابد أن يمر عبر موسكو أولاً ).
ثم أرادوا أن يقضوا على عقيدة التوحيد، والتعلق بالدين، فغرسوا في ذهن هؤلاء ( عبادة الفرد وتأليهه )، واستظهار مأثوراته، والمنافسة في تقديم المادة الفكرية حول تلك المأثورات.. وتخرج من تلك المعاهد شباب يسخرون من الأمة وقيمها، ولا يتورعون عن ارتكاب أي حماقة ضد الأفراد والجماعات، ولقد عانينا كلنا من هؤلاء حينما كانت هذه ( المنظمة ) تمارس حركتها على أرض مصر، واندس هؤلاء بعد ذلك في كل مرافق الدولة ينفثون سمومهم بين الناس..
وهيأ لذلك المناخ الفكر الشيوعي المتربص، والذي استحوذ على ألوان الثقافة والفكر في مصر، وخلق جوًا من الرعب السياسي والبوليسي، كمم الأقلام الشريفة، فخلت الساحة للفكر الماركسي، ولقد صور الصحفي ( محمد الحيوان ) في جريدة الجمهورية 3 فبراير سنة 1977 هذه الفترة العصيبة التي مرت بها مصر فقال: كنا نحتفل بمولد ( لينين ) شهرًا وبمولد النبي لمدة يوم واحد.. ويقول: لقد كان المسلم الذي يصلي يحرم من التعيين في المناصب القيادية.
وجاءت ( ثورة التصحيح ) فخمدت الحركة داخل المعاهد الاشتراكية بسقوط الأصنام الماركسية، وقامت دولة المؤسسات، وبدأت سياسة الانفتاح تمارس. واستغل هؤلاء سياسة الانفتاح وبدءوا يتحركون بشكل منظم تحت زعم أن مصر انحرفت عن الاشتراكية، وأن مبادئ ( زعيمهم ) ضاعت مع هذا الانفتاح، وبدءوا يزرعون في القلوب الحقد على النظام القائم، لأن الأمة خانت عهد الزعيم وضيعت مبادئه من بعده. وعليه فإنه يجب الثأر من هذه الأمة التي بددت تركة الزعيم… واستغلوا كل مرافق الدولة لبث هذا الحقد.. في الجامعات وتجمعات العمال.
وكانت فرصتهم الكبرى في ( منظمة الطلائع ) وهي المنظمة التي قصد من إنشائها تربية الفتية الصغار على حب مصر ابتداء من سن السادسة، وقد أنشئت هذه المنظمة بقرار جمهوري، وكان القصد من إنشائها وطنيًا خالصًا.. وتسلل هؤلاء الشيوعيون مرة أخرى إلى هذا الموقع الخطير، وبدءوا ينفثون سموم الحقد والكراهية- لا لأعداء مصر- بل لمصر ممثلة في رئيسها وكل المتعاونين معه، وتجاوز الأمر أكثر من ذلك.. إلى تجاهل رئيس الدولة،والرجوع بهؤلاء الصبية إلى عبادة الفرد، الذي خانت الأمة عهده وانحرفت عن مسيرته، وأن السادات ما جاء إلا ليطمس كل أثر لبطلهم الأسطوري.. وأصبح الكاره للسادات هو الثائر، وسياسة الانفتاح جريمة، وقالوا لهؤلاء الصبية في ( منظمة الطلائع ) إن هناك ثورة ستقوم، وأنهم سيكونون وقودها وشبيبتها.. واستطاع الشيوعيون بعد عملية ( الشحن ) الضخمة لتلك القلوب الغضة أن يختاروا الوقت المناسب لتفريغ تلك الشحنة عند رفع الأسعار، والقيام بعملية التخريب التي حدثت. ولقد سئل أحد المخربين: لماذا تخرب مرافق الدولة وهي مرافقك أنت؟ فأجاب بكل تبجح: وأين هي الدولة التي خربت مرافقها؟ إن الإجابة انعكاس لما تلقاه من سدنة الشيوعية، وهي أنه لا يعترف بتلك الدولة التي خربت مرافقها.
هؤلاء الذين قالوا عنهم ( أحداث ) وما هم إلا ثمار غرس الشيوعية التي قفزت إلى هذا المكان واستغلته، وسخرت ( الصبية ) فيه لتحقيق مآربها.
والآن ما هو الضمان حتى لا يحدث ما حدث؟ وكيف نصوغ عقول صبية وشباب مصر صياغة جديدة أساسها الحب والتراحم والتعاطف؟ إذا تأملنا الإجابة على هذا السؤال وجدناها تكمن في شيء واحد: وهو أن فكر أهل الأرض لا يمكن أن يخلق مجتمعًأ سويًا، لأن خالق الكون حين تركهم لم ي