خالد بن الوليد
للشاعر الأستاذ سيد عبد الرءوف سيد
الموجه العام بوزارة التعليم
تقديم * رغبة في القاء ضوء يساعد على فهم القصيدة، وما اشتملت عليه من اشارات تاريخية في حياة خالد بن الوليد مهدت لها بهذا التقديم، كما قمت بشرح المفردات والأساليب في الهامش ( رئيس التحرير ).
خالد بن الواليد بطل من أبطال الإسلام، عرف بجرأته، وشجاعته وحبه للحرب، وكأنه كان يرى السيف هو الذى يقضى في الخلاف، لا الرأى.
ويؤكد حبه الحرب كلام كثير، منه قوله: ” ما ليلة يهدى إلى فيها عروس، أنا لها محب، أو أبشر فيها بغلام، أحب إلى من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بهم العدو، فعليكم بالجهاد ” ومما يؤكد حبه للحرب، وشجاعته:
1- شهوده نحو مائة زحف، وكان في صدر الجيش دائما، وهو قائده، وكان إقدامه يبعث القوة في نفوس جنده، والثقة بأنهم لا بد منتصرون، حتى لقد قال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- عند عزله:
” خفت أن يفتن الناس به، وأردت أن يعلموا أن الله هو الصانع “.
2- ركوبه الأخطار في حروبه، ولا سيما في حروب المرتدين، وجهاده مسيلمة الكذاب، وقومه الاشداء، واقتحامه الهول في اجتياز الصحراء بين العراق والشام، لينجد الجيش الإسلامى الذى يحارب الروم ( كما سنرى ).
3- ظفره في حروبه الكثيرة التى شهدها.
4- وهناك شجاعة أعظم من الإقدام، وهى الإحجام ( الرجوع والنكوص، وهو ضد الإقدام ) اذا كان الاحجام حزما، كالذى فعله مع جيش المسلمين في معركة مؤتة ( قرية بالشام كانت بها غزوة مؤتة في السنة الثامنة للهجرة بين المسلمين والروم، وتسمى هذه الغزوة أيضا: بعث الأمراء لتعدد أمرائه بحيث اذا قتل أمير خلفه أمير: زيد بن حارثة، فجعفر بن أبى طالب، فعبد الله بن رواحة، كما رتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. )، فانه بعد أن صرع القواد الثلاثة ( زيد بن حارثة وجعفر بن أبى طالب وعبد الله بن رواحة. ) واختار المسلمون لقيادتهم خالدا- نظم التراجع، بأن عبأ الجيش تعبئة توهم العدو أن مددا جاءه، وجالدهم، ثم رجع بمن بقى من الجيش، ولم يهلكهم بالتورط في حرب خاسرة، فأنه من العجز في الرأى، لا الشجاعة في الحرب، أن يقابل قائد بفلول جيش جيشا جرارا، وافر العدد ( بلغ مائة ألف من الروم، ومائة ألف أخرى من نصارى العرب. ) والعدو، مقيما بأرضه، لم ينهكه سفر، مطمئنا إلى المدد من الزاد والسلاح والرجال، عارفا بدروب بلده ومسالكها، وقد رضى النبى- صلى الله عليه وسلم- عما صنع.
وليس من السهل على القائد المظفر أن يتراجع، الا اذا كان شجاع الرأى حازما، وهكذا كان خالد رضى الله عنه، فلم يتورط هو وجنده في مهلكة، كما فعل نابليون وهتلر في عصرنا هذا، ولم يعتبر الآخر بالأول، فكلاهما أهلك جيشه في بلاد الروس، ومغروراً بقوته. أما خالد فقد رجع بجيش المسلمين من مؤتة، ولو تورط في الحرب لهلك المسلمون جميعا.
خالد في عهد أبى بكر، رضى الله عنهما:
كان عهد أبى بكر العهد الذهبى لجهاد خالد، فإن الحروب التى قادها خالد لحرب المرتدين والمتنبئين هى التى أقرت الإسلام في الجزيرة العربية، وثبتت أركانه فيها، واشتراكه في حرب الفرس والروم أدى إلى انتصار المسلمين- بفضل الله تعالى- وانتشار الإسلام.
حرب المرتدين والمتنبئين:
بطلها خالد بلا مراء، ولا ننكر فضل سائر القواد المجاهدين فيها من المسلمين، لقد ظهر المتنبئون في عهد النبى- صلى الله عليه وسلم: ظهر مسيلمة الكذاب، وتميم بنى حنيفة، وطليحة النمرى، والأسود العبسى، وظاهرهم قومهم، عصبية منهم لإخوانهم، لا إيمانا بنبوتهم وكانوا يقولون: نبى من قومنا خير من نبى قريش.
ولما قبض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- استفحل شرهم، وارتد كثير من القبائل عن الإسلام، ورأى أبو بكر- رضى الله عنه- حربهم، وجهز لهم الجيوش، وقاد خالد معظم الوقائع، فانتصر على المرتدين والمتنبئين، وقتل كثير منهم، وتعقب خالد فلولهم ( بقاياهم المنهزمة ) في أنحاء الجزيرة، ووقف منهم موقف الصرامة والشدة، حتى قضى على أخطر فتنة ظهرت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
خالد في العراق:
لم يكد أبو بكر ينتهى من أمر المرتدين حتى عزم على جهاد الفرس والروم، ليؤمن الدولة الإسلامية الناشئة، فأمر خالدا وعقد له القيادة العامة عليها، وكان اسمه يسبقه إلى أطراف هاتين الدولتين، فيملأ القلوب رعبا وفزعا.
خرج خالد إلى أرض فارس، وهجم المسلمون على جيش الفرس، ففروا مهزومين كالقطيع المذعور، وانتصر عليهم خالد في خمس عشرة موقعة، وطارت أنباء انتصاراته إلى أبى بكر فسر بها، وأذاعها في أنحاء الجزيرة العربية.
خالد في الشام:
بينما كان خالد يسير من نصر إلى نصر، ويؤمل أن يدخل المدائن عاصمة كسرى- جاءه أمر أبى بكر أن ينجد جيش الشام الذى ألقت إليه الروم بكل ثقلها، فأطاع الأمر، وتحمل المشقات، وكان له النصر.
ولكن أبا بكر- رحمة الله- لم يتح ل