حول احتفال فرع الجماعة
بمنوف لمناسبة المولد النبوي
بقلم : الأستاذ محمد سليمان محمد عثمان
نشر في العدد الماضي من المجلة احتفال فرع منوف بالمولد النبوي ، والواقع أن مثل هذه الاحتفالات وإقامتها ليس من شيمتنا معشر أنصار السنة المحمدية ، ولكنها عثرة من الإخوة الذين أقاموها ، وعثرة منا أيضًا ، حيث لم نتنبه لها عند النشر ، فاللهم غفرًا .. وأقول متمثلاً بقول علي رضي اللَّه عنه :
لقد عثرت عثرة لا أعتذر
سوف أكيس بعدها وأستمر
وأجمع الرأي الشتيت المنتشر
فأقول : إن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، ليس من أولئك الزعماء الذين تحيا ذكراهم بيوم في السنة ، تقام له الأحفال والزينات ، ثم تندرس الذكرى ، وكأن صاحبه لم يكن ، يبيد مع الأيام ، وتبيد ذكراه معه .
فرسول الله صلى الله عليه وسلمأعظم قدرًا ، وأعلى شأنًا ، فقد رفع اللَّه ذكره ، وقرن اسمه باسمه ، فلا يذكر إلا ذكر معه ، أليس يدوّي صوت المؤذن كل يوم خمس مرات باسمه ؟ ألسنا نذكر اسمه مع اسم الله في التشهد ، والصلاة عليه ؟ بل المؤمن يجب عليه ألا يفتر عن ذكر رسول الله في كل شئونه وأعماله ، فداه أبي وأمي ونفسي التي بين جنبي ، فإذا أراد المؤمن أن يعمل عملاً يجب أن يسأل نفسه : هل فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل أمر به ؟ هل هو من الأمر الذي كان عليه هو وأصحابه ؟ فإن كل بدعة تبعد الإنسان عن المنهج الذي كان عليه هو وأصحابه ضلالة أوحى بها الشيطان .
بل هو صلوات الله وسلامه عليه ، أحب إلى قلوب المؤمنين به ، المقتدين بسنته ، من أولادهم وآبائهم وعشيرتهم وأوطانهم ، بل من أنفسهم التي بين جنوبهم ، ويجعلون كل ذلك فداء له ولدعوته .
فهم يأتمرون بأمره ، وينتهون بنهيه ، ويلتزمون الحدود التي ألزمهم إياها . ولا يقدمون بين يدي اللَّه ورسوله أمرًا . أما أولئك الطغام – الذين ابتدعوا في الإسلام بدعًا ، وسلكوا في الأهواء طرائق قددًا – فإنهم لما ثقلت عليهم تكاليف الإسلام ، وتبرموا بها ، وأبوا أن يسيروا في منهج الحق ، واختاروا لأنفسهم طريق اللهو والعبث ، اقتصروا في إحياء ذكراه . على تلك الأحفال المليئة بالضجيج والصخب ، وآلات اللهو من الطبل والزمر ، والترنح ذات اليمين وذات الشمال مع الصياح والتخبط ، قصارى هم أحدهم أن يملأ بطنه من الحلوى والمآكل التي جمعت من السحت والحرام ، وأن يمضي طوال الليل في تلك الأعمال التي لا تزيدهم على الأيام إلا وبالاً .
والعجب أن هؤلاء الذين يدعون أنهم يقيمون هذه الأعمال حبًا في رسول الله إذا دعوت أحدهم لتأدية الصلاة في طمأنينة وخشوع تبرم بك ، وضاق بالصلاة ذرعًا . وصاح في وجهك : من أم بالناس فليخفف . والتخفيف في نظر هؤلاء أن ينقر الصلاة كما ينقر الديك الحب ، لا يذكر الله فيها إلا قليلا ، بينما يمضي الليالي الطوال في الرقص والتخبط ، ولا يتعب من ذلك ولا يكل ، بل يمد له الشيطان في ذلك ، ويزينه له ، والمسجد قريب منهم ، والأذان يدوي أمامهم ، فلا يفكرون في تأدية فريضة ولا نافلة .
وأشهد بالله لقد مررت ببعض تلك الحفلات وأنا في طريقي إلى صلاة الفجر ، وكان القوم وقوفًا يترنحون طوال الليل ينشدون القصائد خارج المسجد ، لم يبالوا بأذان الفجر ، رغم تنبيه الإمام إياهم بواسطة المكبر أن يدخلوا لتأدية الصلاة ، فلم يرفعوا بقوله رأسًا ، وظلوا على هذا الصياح إلى أن طلعت الشمس عليهم دون أن يؤدوا صلاة الصبح . نقول لهؤلاء : أي علامة حب لرسول الله صلى الله عليه وسلمفي هذا ؟ إن حب رسول اللَّه في طاعته ، ومتابعته في أمره وفعله ، بأن نفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعله وأمر به . أما أن تتخذ البدع التي لم يفعلها رسول الله ولا عرفها أصحابه الذين اتبعوهم بإحسان شعارًا لحب رسول اللَّه فذلك هو الخزي والضلال المبين .
فإن كنتم تحبون الله ورسوله حقًا ، فهلموا إلى حكم الله ورسوله ، وأقيموا أحكام كتاب الله ، والتزموا حدود ما أنزل الله واستبدلوها ، بتلك القوانين الوضعية ، التي ملأت الأرض بالفساد والفوضى ، وفي ظلها يتبجح كل مخنث بالحرية المطلقة من كل قيد ، ويدعون كل عربيد وداعر إلى التحلل والخلاعة .
وفي ظل هذا القانون ” يحكم بعض القضاة ببراءة زوجة خائنة ضبطها زوجها في أحضان الزناة الفجرة ، بل اعتبر الزوج الذي يذود عن شرفه مذنبًا لأنه يتجسس على زوجته ” .
ثم انظروا إلى ما نشرته مجلة روز اليوسف في عددها الصادر في 7/4/1975 والخاص بالمرأة في استفتاء أجرته المجلة بين طالبات الجامعة وكانت أجوبة الفتيان مثيرة للفزع ، فقد أجابت أربع مسلمات بالحرف الواحد : “الجنس والحب وجهان لعملة واحدة … لماذا لا أمارس الجنس مع من أحب ؟.. إنني لا أعتبر الزواج شرطًا أساسيًا لممارسة الجنس مادمت أحب وأثق فيمن أحب . وحتى لو كان ثمن ذلك نظرة عدم احترام من المجتمع ” . وتقول فتاة أخرى : ” إني أومن إيمانًا مطلقًا بحريتي في جسدي … أرتبط بمن أشا