حكم الإسلام
في التصوف والمتصوفين
للأستاذ : سعد خميس
هل علوم التصوف من الإسلام ؟
وهل يوجد ما يسمى تصوفًا إسلاميًّا ؟
وإذا كان الجواب على هذا بالنفي ، فهل من الإسلام السكوت عنه ؟ أم الواجب بيان خطره للناس .
إليك الجواب باختصار :
أولاً : إن التصوف بدعة محدثة في الملة ، كما ذكر ابن خلدون في مقدمته المعروفة عن التصوف ، وليس في الإسلام ما يسمى بدعة حسنة وبدعة سيئة ، بل البدع كلها سيئة إذا كانت في العبادات ، الصغير منها والكبير ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ” كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ” .
ويقول ( : ” لعن الله من غير منار الأرض ، ولعن من ذبح لغير الله ، ولعن من آوى محدثًا ” . وصاحب البدعة داخل في هذه اللعنة .
أما البدعة الحسنة فهي في شئون الدنيا والحياة من زراعة وصناعة وتجارة إلى آخره . أما في الدين فالبدع جميعها سيئة كما أشارت بذلك النصوص من القرآن والسنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا : لقد نجح دعاة التصوف في نشره على نطاق واسع في مصر وفي كثير من البلاد الإسلامية ، وصوروه للناس على أنه من الإسلام ، بل قمة الإسلام ، وقد مزجوا السم بالعسل وسموه تصوفًا إسلاميًّا ، كل ذلك لجهل المسلم عن معرفة ما هي البدعة الحسنة والبدعة السيئة .
ولقد حذر كثير من الأئمة الأعلام من شر وخطر التصوف على العقيدة الصحيحة .
ثالثًا : لا أكون متجنيًا إذا قلت : إن شر ما ابتلي به الإسلام قديمًا وحديثًا هو التصوف ، ويكفى الاطلاع على ما صنفه كبار أقطاب التصوف من كتب ، مثل محيي الدين بن عربي وابن الفارض والجنيد والبسطامي وغيرهم ، فقد دعوا إلى عقيدة وحدة الوجود وعقيدة الحلول والاتحاد ، وكلها عقائد تخالف عقيدة الإسلام ، بل تهدم عقيدة التوحيد التي دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان القوم قد قسموا التصوف إلى متطرف ومعتدل ، ويقولون عن الجانب المعتدل منه : إنه التصوف الإسلامي الرفيع ، والسلوك الطيب بين الإنسان وربه ، والإنسان وأخيه الإنسان إلى آخر ما يغالطون به ، فإني أتساءل : لماذا تسلبون الصفات والأعمال الطيبة والسلوك الحميد من القرآن والسنة ، وتضعونها في غير موضعها تحت اسم التصوف ، وهل قال الله : ” هو الذي سماكم الصوفيين ” ، أم يقول الله عز وجل : { هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ } .
وإذا كان لأحد من أتباع التصوف أن يدعي أن التصوف من الإسلام فإني أطالبه بدليل واحد من القرآن أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلمأو خبر عن الصحابة رضي اللَّه عنهم : { اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } .
بل نجد القرآن والسنة الصحيحة تحض على التمسك بالكتاب والسنة ، ويقول اللَّه : { اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } .
ويقول : { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ } .
ويقول : { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } .
ويقول : { فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } .
ويقول : { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ” ، ” اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ” .
والواقع أن أية عبارة يريد الإنسان أن يتقرب بها إلى الله لا يقبلها إلا بشرطين .
الشرط الأول : الإخلاص لله عز وجل ، والشرط الثاني المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والصحابة إنما كانوا يتحركون بالقرآن ، وكانوا قرآنًا يمشي على الأرض في أعمالهم وعقائدهم وسلوكهم ، وطبعًا لم يكونوا على شيء من علوم التصوف .
وعندما سُئلت السيدة عائشة رضي اللَّه عنها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلمقالت : كان خلقه القرآن ، ولم تقل شيء من التصوف ، وإني أنصح الجميع أن يقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلمقولاً وفعلاً وعقيدة ، وهذا هو ما أمرنا الله به في كتابه الكريم ؛ إذ يقول سبحانه وتعالى : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ } .