ثمرة الإسلام
بقلم فضيلة الأستاذ الجليل
الشيخ : محمد عبد الرحيم
لقد أكرم اللَّه الأمة الإسلامية بدين واضح العقيدة ، ثابت الأصول ، أساسه توحيد اللَّه تعالى ، وتحطيم الوثنية في كافة صورها ، وتعدد أشكالها ، وجعله سبيل الوحدة ، وخير وسيلة لإسعاد المجتمع .
ومن شرح اللَّه صدره به ، فقد استمسك بالعروة الوثقى ، لا يضل ولا يشقى ، ولا يتخلى اللَّه عنه ، ولا يحجب عنه عونه ، فتراه منصورًا غير مقهور ، لأن اللَّه تعالى جعل له حقًا عليه ، ألزم نفسه به في قوله تعالى : { وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } ، ومن أوفى بعهده من اللَّه تعالى ؟
إن السعادة للبشرية لا تتحقق إلا بالإسلام ؛ لأنه دين الفطرة وشريعة الحياة ، فيه تجتمع المثل العليا ، التي كفلت للناس سعادتهم في الدنيا والآخرة .
وقد أسس العرب المسلمون من قبل ، دولتهم على الإسلام . بما يقتضيه من الاعتصام بحبل اللَّه تعالى ، والانتصار لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم . وكان هذا النهج كفيلاً بنشر العدالة بالبلاد التي رفرفت عليها راية الإسلام ، فدخل الناس في دين اللَّه أفواجًا . وربط اللَّه على قلوبهم بالمحبة والرحمة والإيمان . ونزع من قلوبهم العصبية والحمية الجاهلية . فتآخوا في اللَّه . وتوادوا وتراحموا فيه { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ } .
إن الإسلام قد سوى بين أبنائه ، وجعلهم سواسية كأسنان المشط ، لا يفضل بعضهم بعضًا إلا بالعمل الصالح ، كما يقول اللَّه تعالى في سورة الحجرات : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } . ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته : (( يا فاطمة : اعملي فإني لا أغني عنك من اللَّه شيئًا )) .
ولعل في ذلك عبرة لمن يلجئون إلى الموتى مهما كانوا صالحين : فيلتمسون منهم رفع مضرة ، أو جلب منفعة . وما دروا أنهم أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون .
إنه ليس لنا من سبيل إلى القوة والمجد والعزة ، إلا بالعودة إلى ما كانت عليه الأمة من قبل . فلن يصلح آخرها إلا بما صلح به أولها ، فشادوا حضارتهم على المحجة البيضاء ، التي ورثوها عن نبيهم صلى الله عليه وسلم ، ولهذا بلغوا الغاية . وحققوا الهدف .
وهذا يتطلب منا أن نعني بالتربية الإسلامية في بيوتنا ومدارسنا ، على أساس من القرآن الكريم ، وسنة نبيه وسيرته عليه الصلاة والسلام . وأن يأخذ كل منا نفسه ، وبخاصة الآباء والمعلموم ، (( بصفتهم موجهين ومرشدين للنشء )) – أقول : أن يأخذوا أنفسهم بما يدعو إليه الدين ليكونوا قدوة صالحة وأسوة حسنة لأبنائهم .
وغني عن البيان أن من سار على هذا الهدى وفقه اللَّه في سائر الأمور ، وكتب له الفلاح ، وهداه إلى طريق الفوز والنجاح : { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ } [ محمد : 17 ] .
وهذا من شأنه إعزاز الأمة ، وإعلاء قدرها بين الأمم .
والقرآن الكريم الذي بين للناس أن لا طريق لهم إلا طريق واحد : { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } ، فرض علينا اتباع الرسول الكريم في كل ما جاء به عن ربه . وجعل طاعته مصاحبة لطاعة اللَّه تعالى : { وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } ، { مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } [ النساء : 80 ] .
وكما فرض علينا اتباعه ، حذرنا من مخالفته ، والخروج على أمره ، قال تعالى : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .
كما علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن الانتساب إلى الإسلام بدون القيام بواجباته ، والاعتزاز به ، والسير على سننه وتقاليده ، لا يغني فتيلاً ، إذ يجب أن يقوم الفرد والجماعة بالتطبيق العملي ، في كل ما دعا إليه الإسلام : من صحة العقيدة ، وإقامة الشعائر دون ابتداع فيها مع التخلق بمكارم الأخلاق ، وعدم الوقوع في السفاسف والدنايا ، وإلا نسي الناس ربهم ، وضعفت هممهم ، وخمدت عزائمهم وانصرفوا إلى إشباع النفس بما تشتهي ، فتخضع للشهوة ، ولا تنكسر لها حدة ، والعياذ باللَّه .