تعليقات
بقلم الدكتور
جابر الحاج
1- المسيح لم يصلب:
قرأت كتاب ( سنة ثالثة سجن ) للأستاذ مصطفى أمين، وهو كتاب قيم يستحق القراءة لمن يريد أن يعرف مدى طغيان قوانين البشر حين يتمردون على شريعة اللَّه، ويشرعون لأنفسهم، ويبغون في الأرض بغير الحق.
ولكن الكاتب الكبير لم يوفق في صفحة 165 من كتابه وهو يبث همومه لعصفور وقف على نافذة زنزانته. فقال: ( لعل العصفور يطل في عيني ليرى أعماقي، ليرى مسيحًا مصلوبًا بلا خطيئة، مشنوقًا بلا جريمة، معلقًا على مقصلة بغير ذنب، مسجونًا يجر سلاسله وقيوده… ).
وهذا الكلام يعيد ما قاله الأستاذ توفيق الحكيم حين قتل غاندي وعقد مقارنة غير لطيفة بين قتل غاندي وما ادعاه من صلب المسيح عليه السلام.
ولو أن مصطفى أمين كتب هذا الكلام في الزنزانة وليس معه المصحف الذي أحزنه أخذه منه، لالتمسنا له بعض العذر. ولكن ما عذر مصطفى أمين في إمكانه الآن أن يقرأ قول اللَّه تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا. بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 157، 158].
ويستطيع مصطفى أمين أن يقرأ في إنجيل برنابا- ترجمة الدكتور خليل سعادة- حيث يقول المسيح عليه السلام في الفصل 213 إن واحدًا منكم سيسلمنى… سيسقط في الهوة التي أعدها للآخرين ).
وفي الفصل 216 آية 4: ( فتغير يهوذا في النطق وفي الوجه، فصار شبيهًا بيسوع حتى أننا اعتقدنا أنه يسوع ) آية 9 (… دخلت الجنود وألقوا أيديهم على يهوذا لأنه كان شبيهًا بيسوع من كل وجه ).
وفي الفصل 221 أية 17: ( الحق أقول لكم إني لم أمت بل يهوذاالخائن ) أية 18: ( احذورا لأن الشيطان سيحاول جهده أن يخدعكم ).
وفي الفصل 222 ( 1- وبعد أن انطلق يسوع تفرقت التلاميذ في أنحاء إسرائيل والعالم المختلفة.
2- أما الحق المكروه من الشيطان فقد اضطهده الباطل كما هي الحال دائمًا 3- فإن فريقًا من الأشرار المدعين أنهم تلاميذ بشروا بأن يسوع مات ولم يقم 4- وآخرون بشروا بأنه مات بالحقيقة ثم قام 5- وآخرون بشروا ولا يزالون يبشرون بأن يسوع هو ابن اللَّه، وقد خدع في عدادهم بولص.
6- وأما نحن فإنما نبشر بما كتب الذين يخافون اللَّه ليخلصوا في اليوم الأخير لدينونة اللَّه. آمين ).
وإذا أردت المزيد يا أستاذ مصطفى أمين فاقرأ دراسة الأناجيل الأربعة في كتاب ( الحقيقة بين المسيحية والإسلام ) للدكتور منصور حسين عبد العزيز، لتعرف الحق وتؤمن به، وتستغفر اللَّه وتتوب إليه.
2- إسرائيليات
( أهداف كل سورة ومقاصدها في القرآن الكريم ) عنوان كتاب خرج علينا به الدكتور عبد اللَّه شحاته، وظننت أن الكتاب في اختصاره سيريح قارئه من الإسرائيليات التي ظلت تصوب سهامها إلى كتب التفاسير، وإلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، والمسلمون مشغولون عما يكيده أعداء هذا الدين لهم.
ولكن الدكتور عبد اللَّه شحاتة رغم اختصاره كتابه أبى إلا أن يجري وراء الإسرائيليات، فضمن كتابه بعضها، فمثلاً في الإشارة إلى سورة ( يس ) يقول في صفحة 325 ( سورة يس لها وقع خاص في نفوس المسلمين، يرددون قراءتها في الصباح والمساء،وتقرأ على المريض للشفاء…. وعلى المقابر لتنزل الرحمة على الموتى…. ).
فهل هذا علم يحتج به؟ وهل لدى الدكتور عبد اللَّه شحاته دليل على أن قراءة ( يس ) على المقابر عمل مشروع وهدى طيب ليقره ويضمنه كتابه؟
وعن قصة أصحاب القرية في سورة ( يس ) ( من أول الآية 13 {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ….} ) يقول الدكتور في صفحة 327 من كتابه:
( ضرب اللَّه لأهل مكة مثلاً قصة أهل إنطاكية بالشام، أرسل اللَّه إليهم رسولين هما يوحنا وبولس من حواريي عيسى، فكذبهما أهل القرية… ).
ويجئ كلام المؤلف هكذا كأنه حقيقة وليس مجرد رأي يعوزه الدليل، فضلاً عن كونه إسرائيليات، لا تخدم علمًا نافعًا، ولا تؤدي غرضًا ساميًا يطمئن به قارئه.
ويكفى أن نقرأ ما كتبه برنابا عن بولص: ( وآخرون بشروا ولا يزالون يبشرون بأن يسوع هو ابن اللَّه، وقد خدع في عدادهم بولص ).
فليتق اللَّه العلماء فيما يكتبون. وخير للذين لا يتحرون الحقيقة أن يسكتوا، فإذا أبوا إلا أن يكتبوا فليتثبتوا وليقدموا ما ينفع.
د. جابر إبراهيم الحاج
فايل 5 مجلد الخامس : الأعداد 5 – 6
12
– 4 –