تعقيب على مقال الدكتور إبراهيم هلال
بعث إلينا السيد عمر المحمد من السعودية بتعقيب قال فيه :
قرأ في العدد العاشر – عدد ذي الحجة موضوعًا تحت عنوان [ وحدة الأديان السماوية ] للدكتور إبراهيم هلال فألفيته موضوعًا جيدًا ، ولكن لم يخل من خطأ بسيط أو زلة ، وهو قوله يشير إلى عيسى ( :
” وأما وفاته فالأرجح أنه توفي وفاة عادية بعد أن أنقذه الله من يد اليهود وألقى شبهه على محكوم عليه بالإعدام ورفعه الله من بين أيديهم أي رفع روحه إليه بطريقة الوفاة العادية ” . فليس هذا بالأرجح .
نحن المسلمون دستورنا هو القرآن الكريم وليس إنجيل يوحنا كما يصح أن يطلق عليه والحق أحق أن يتبع .
لننظر إلى كلام العماد بن كثير رحمه الله في تفسيره على الآية التي تشير إلى هذا الموضوع بأحسن عبارة وأبينه وأبلغه وأوضحه لكل من له بصيرة ولم يطبع الله على قلبه .
يقول قدس الله روحه عند قوله تعالى : { إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } إلخ الآية الكريمة ما نصه :
قال قتادة وغيره : تقديره إني رافعك إلي ومتوفيك يعني بعد ذلك .
قال مطر الوراق : إني متوفيك من الدنيا وليس بوفاة موت .
وكذا قال ابن جرير : توفيه رفعه .
وقال الأكثرون : المراد بالوفاة هنا النوم كما قال تعالى : { هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ } الآية .
وقال تعالى : { اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا } الآية .
وكان رسول الله ( يقول إذا قام من النوم : ” الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا” الحديث .
وقولهم : { إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ } – إلى قوله : { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا . بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا . وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } .
والضمير في قوله قبل موته عائد على عيسى ( . أي وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى ، وذلك حين ينزل من السماء إلى الأرض قبل يوم القيامة ، وساق بسنده عن الحسن قال في قوله تعالى : { إِنِّي مُتَوَفِّيكَ } يعني وفاة المنام وإنه راجع إليكم يوم القيامة .
وقوله تعالى : { ومطهرك من الذين كفروا } أي برفعي إياك إلى السماء ، فهذا الإمام الكبير يرجح رفع عيسى ( . وجميع أهل السنة والجماعة يرجحونه . واللَّه الهادي إلى سواء السبيل .
والمجلة تؤيد هذا الرأي لأنه يتفق مع الأحاديث الصحيحة المتفق عليها .
والمجلة عملاً بحرية النشر – تؤيد هذا الاتجاه لأنه يتفق مع السنة الصحيحة المتفق عليها ، هذا وقد شاء الأستاذ محمد سليمان أن يعقب أيضًا ، قال :
الخلاف حول تفسير الوفاة هل هي وفاة نوم أو وفاة موت أو غير ذلك من معاني الوفاة ؟ أمر مشهور معروف بين أئمة الحديث والتفسير من سلف هذه الأمة ، بل قد صح تفسير الوفاة بالموت عن حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس كما جاء في صحيفة علي بن طلحة وهي من أصح التفاسير المأثورة عن ابن عباس وعليها اعتمد البخاري في صحيحه ونقل ابن جرير منها في تفسيره .
وقال الإمام أحمد ” بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل إلى مصر قاصد ما كان كثيرًا ” .
وفي هذا التفسير الصحيح جاءت الرواية عن ابن عباس أن الوفاة كانت إماتة ، والذين قالوا بالإماتة قالوا : إن الله رفع روحه وجسده إلى السماء .. لكن الذي لا خلاف فيه بين أعلام الأمة ممن سلفوا ، نزوله في آخر الزمان حكمًا عدلاً فيدق الصليب ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويكون قتل الدجال على يديه وقد تواترت الأحاديث في ذلك بينهم حتى أصبح من المعلوم في دين الإسلام بالضرورة بل قل أن يوجد كتاب وضعه إمام يعتد به في الإسلام من تفسير أو فقه أو توحيد إلا ويذكر فيه نزول عيسى في آخر الزمان وأنه من أشراط الساعة سواء منهم من فسر الوفاة بالموت أو غيره من معاني الوفاة .
وحيث إن الخلاف في معنى الوفاة فقط وعرفت أن ذلك حادث بين الأئمة فلا داعي لإثارة الجدل وفتح باب القيل وقال في هذا الموضوع طالما لم نتبين أن الكاتب ينكر الأحاديث المتواترة في نزول عيسى ( .