بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه
بقلم : بدوي محمد خير طه
رئيس فرع أنصار السنة المحمدية بدراو
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد
في مقال تحت عنوان التوسل والوسيلة باب الأسوة الحسنة صفحة الفكر الديني بجريدة الأهرام بتاريخ 13 جمادى الأولى 1401 الموافق 20 مارس 1981 كتب الأستاذ محمود مهدي المحرر يقول : إن الله أكرم مصر باختيار آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مأوى لهم بعد المحنة باستشهاد الحسين رضي الله عنه ومنذ ذلك الحين وقلوب وعقول أهل مصر معلقة بآل البيت حبا وإجلالا وقد امتد ذلك الحب والإجلال إلى كل أولياء الله الذين يضمهم شرفا وكرامة ثرى مصر الطيب ثم يصف الذين ينهون عن التوسل بالأضرحة بالتطرف والتشنج والتشدد والتشكيك . ثم قال فكما أن الله فضل بعض الأزمنة على بعض وفضل بعض الأمكنة على بعض في استجابة الدعاء ومن الأمكنة الحرمان المكي والمدني فقياسا عليهما يكون الدعاء أفضل في المساجد المقامة على المقابر والأضرحة لآل البيت وغيرهم من الأولياء ثم اتهم دعاة التوحيد بكراهية آل البيت والأولياء
ومن فهمي لفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استعين بالله وأقول : يجب أن تنزه الأسوة الحسنة عما ينسب إليها من شطحات إلى أوهى الأدلة لأن الله تعالى يقول (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[21 الأحزاب] فماذا ترك لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم من قرآن وسنة نتأسى بهم في هذا الموضوع الذي أثاره الكاتب الهمام ؟ (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ)[9 الأنفال] (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)[180 الأعراف] (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)[18 البقرة] (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)[3 الزمر] (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ)[14 الرعد] (وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)[45 الزمر] (ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا)[12 غافر] .
من هذه الأسوة الحسنة يتبين لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما بعث إلا لإلغاء الواسطة بين الخلق والخالق لأن من أرسل بينهم من مشركي العرب كانوا يؤمنون بأن الله هو خالق السماوات والأرض ومنزل الماء ومخرج الزرع ومسخر الشمس والقمر لكنهم اتخذوا عبادا صالحين صنعوا لهم تماثيل ومقامات ليوسطوهم بينهم وبين الله (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)[3 الزمر] (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ)[8 يونس]
ونظرة في صحيح البخاري في باب التفسير يفسر لنا ابن عباس رضي الله عنهما بأن ودا وسواعا ويغوث ويعوقا ونسرا كانوا رجالا صالحين بين آدم ونوح فلما ماتوا أقاموا لهم الصور والتماثيل ليتذكروا صلاحهم فلما تقادم عليهم العهد عبدهم قوم نوح ودعوهم من دون الله وجاء مشركو العرب فزعموا لهم الواسطة بينهم وبين الله تعالى . وكذلك اللات صنم قريش المبجل يفسره لنا أيضا ابن عباس في البخاري بأنه كان رجلا صالحا يلت السويق لحجاج البيت الحرام ومن هذا يتبين لنا أن تماثيل وأصنام الجاهلية الأولى كانت لرجال صالحين مثل ما فعلت الجاهلية الثانية والحديثة من توابيت ومقاصير لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأولياء الله الصالحين برأ الله آل بيت نبيه وأولياءه الصالحين من هذه الوثنية الحديثة . ولله در ذلك الأعرابي حين كان يتخذ تمثالا لرجل صالح يدعو عنده وفي مرة من المرات يجد ثعلبا ركب على رأسه وبال فأنشأ يقول بفطرته التي فطره الله عليها :
أرب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب
لقد خاب قوم أمنوك لرشدهم يريد رجال أن تكون تحارب
ولا أنت تغني عن أمور توافدت ولا أنت دفاع إلى حال غائب
وبمقياس بسيط نجد أن الجاهلية الحديثة أغبى من الجاهلية الأولى فحين تحل بهم الشدائد والنكبات والخطر يضرعون مددك يا فلان أغثنا يا علان بينما نجد أن الحق سبحانه يخبرنا أن الجاهلية الأولى حين يدهمهم الخطر وتحيط بهم الملمات ينسون أولياءهم ويدعون الله مخلصين (وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ)[لقمان 32] (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ