باب الفقه
يقدمه
أحمد فهمي أحمد
مواقيت الصلاة
للصلاة أوقات محدودة لا بد أن تؤدى فيها لقول اللَّه تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} 103 النساء. ولا يجوز أداء الصلاة قبل أو بعد ما حدد لها من مواقيت إلا في ظروف معينة سنوضحها في مقالات أخرى إن شاء اللَّه.
وقد بينت السنة حدود هذه المواقيت بالتفصيل بالنسبة لكل صلاة من الصلوات الخمس المفروضة، وذلك بأن نزل جبريل يومًا فصلى برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس في أول وقتها، ثم جاءه في اليوم التالي حيث صلى برسول اللَّه صلوات اللَّه وسلامه عليه الصلوات الخمس في آخر وقتها، ثم قال له: ما بين هذين الوقتين هو وقت الصلاة. وذلك في الحديث الآتي:
عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّهُ عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل عليه السلام فقال له: قم فصله. فصلى الظهر حين زالت الشمس ( أي: مالت إلى جهة المغرب بعد أن كانت جهة المشرق ). ثم جاءه العصر فقال: قم فصله. فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله. ثم جاءه المغرب فقال: قم فصله. فصلى المغرب حين وجبت الشمس ( وجبت الشمس: سقطت للغروب ). ثم جاءه العشاء فقال: قم فصله. فصلى العشاء حين غاب الشفق. ثم جاءه الفجر حين برق الفجر ” أو قال سطع الفجر”.
ثم جاءه من الغد للظهر فقال: قم فصله. فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله. ثم جاءه العصر فقال: قم فصله. فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه. ثم جاءه المغرب وقتًا واحدًا لم يزل عنه. ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل ” أو قال ثلث الليل” فصلى العشاء. ثم جاءه حين أسفر جدًا ( أسفر جدًا: ظهر أول ضوء للنهار حين كادت الشمس أن تشرق ) فقال: قم فصله. فصلى الفجر.
ثم قال: ( ما بين هذين الوقتين وقت ) رواه أحمد والنسائي والترمذي. وقال البخاري: هو أصح شيء في هذا الباب يعني إمامة جبريل.
وعن عبد اللَّه بن عمرو أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ( وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ( أي ويستمر وقتها حتى يكون ظل كل شيء مثله ) ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ( أي: ووقت العصر يستمر ما لم تصفر الشمس )، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق ( أي ويكون وقت المغرب من وقت سقوط قرص الشمس ويستمر ما لم يغب الشفق )، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط ( أي ويكون وقت صلاة العشاء من غيبوبة الشفق ويستمر إلى منتصف الليل )، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس ( أي ويكون وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ويستمر ما لم تطلع الشمس )، فإذا طلعت فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان ( المراد بقرن الشيطان جانب رأسه. وقد شرح النووي هذه العبارة بقوله: ( معناه أن يدني رأسه إلى الشمس في هذا الوقت ليكون الساجدون للشمس من الكفار في هذا الوقت كالساجدين له، وحينئذ يكون له ولشيعته تسلط وتمكن من أن يلبسوا على المصلى صلاته، فكرهت الصلاة في هذا الوقت لهذا المعنى كما كرهت في مأوى الشيطان ). رواه مسلم.
وقت صلاة الظهر
من الحديثين السابقين يتضح أن وقت صلاة الظهر يبدأ من زوال الشمس عن وسط السماء، ويمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثله.
وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعجل بصلاة الظهر في أول وقتها إلا إذا اشتد الحر فإنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتأخيرها عن أول وقتها حتى لا يذهب الخشوع. وذلك للأدلة الآتية:
1- عن أنس رضي اللَّهُ عنه قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر الصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة ) رواه البخاري.
2- عن أبي ذر رضي اللَّهُ عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر فقال ( أبرد ) ثم أراد أن يؤذن فقال ( أبرد ) مرتين أو ثلاثًا، حتى رأينا فئ التلول ( فئ التلول: الفئ ما كان شمسًا فنسخه الظل، أي الظل الذي يكون بعد زوال الشمس، والتلول جمع تل وهو الربوة من التراب المجتمع. والمراد أنه أخر الصلاة حتى صار للتلول فئ ). ثم قال: ( إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ) رواه البخاري ومسلم.
وهذا الإبراد- أي تأخير صلاة الظهر- لا يكون إلا مع شدة الحر، فهو حكم خاص مقيد لا يتعارض مع الأحاديث الأخرى العامة التي تتحدث عن فضل الصلاة في أول الوقت.
كما أن هذا الإبراد لم يرد بشأنه- فيما نعلم- أحاديث تحدد غايته. وعلى هذا فهو يختلف باختلاف الأحوال طبقًا لشدة الحر، ولكن بشرط أن لا يمتد إلى آخر الوقت.
* * *
سنواصل الحديث عن باقي أوقات الصلاة بالتفصيل في المقال القادم إن شاء اللَّه. وهو الموفق والمعين. وصلى اللَّه وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أحمد فهمي أحمد
فايل 1-mg-7
3