باب الفقه
يقدمه
أحمد فهمي أحمد
مواقيت الصلاة ( 2 )
تحدثنا في المقال السابق- بفضل اللَّه تعالى- عن مواقيت الصلاة إجمالا، حيث أوردنا حديث جابر وحديث عبد اللَّه بن عمرو اللذين أوضحا مواقيت الصلوات الخمس ( أرجو مراجعة الحديثين في العدد الماضي من المجلة ). ثم تحدثنا تفصيلا عن وقت صلاة الظهر، ونواصل الحديث بتوفيق اللَّه فنقول:
وقت صلاة العصر
1- من حديث جابر السابق ذكره يتضح أن وقت العصر يبدأ عندما يصير ظل كل شيء مثله، وينتهي عندما يصير ظل كل شيء مثليه. ومن حديث عبد اللَّه بن عمرو يتضح أن وقت العصر يستمر ما لم تصفر الشمس.
ولا تعارض بين الحديثين فإن ظل كل شيء يكون مثليه قبيل اصفرار الشمس.
2- أما تأخير العصر إلى ما بعد اصفرار الشمس فقد وردت بشأنه أحاديث أخرى منها:
* حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر” رواه الجماعة، ورواه البيهقي بلفظ: ” من صلى من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس ثم صلى ما بقي بعد غروب الشمس لم يفته العصر”.
* حديث أنس قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ” تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا، لا يذكر اللَّه إلا قليلا” رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة.
** ويفهم من هذين الحديثين أن تأخير وقت صلاة العصر إلى ما بعد اصفرار الشمس جائز إن كان لعذر، وأما إن كان لغير عذر فهي صلاة المنافقين.
* * *
يتضح مما سبق وقت صلاة العصر كالآتي:
1- أفضل وقتها: وهو أول الوقت.
2- وقت الاختيار: ويمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه أو إلى قبيل اصفرار الشمس.
3- وقت الجواز للمضطر: من اصفرار الشمس إلى قبيل الغروب.
4- وقت العذر: وهو وقت جمعها مع صلاة الظهر في الحالات التي تجمع فيها جمع تقديم، والتي سوف نتحدث عنها- إن شاء اللَّه- في حديث آخر.
* * *
التعجيل بصلاة العصر في اليوم الغيم:
ورد الحديث بضرورة التعجيل بصلاة العصر في اليوم الغيم.
عن بريدة الأسلمي قال: كنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في غزوة فقال: ” بكروا بالصلاة في اليوم الغيم، فإن من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله” رواه أحمد وابن ماجة.
وأخرج البخاري عن أبي المليح قال: ” كنا مع بريدة في يوم ذى غيم فقال بكروا بالصلاة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك صلاة العصر حبط عمله”.
وأما تقييد التبكير بالغيم فلأنه مظنة التباس الوقت، وإذا وقع التراخي فربما خرج الوقت أو اصفرت الشمس قبل أداء الصلاة.
صلاة العصر هي الصلاة الوسطى
صلاة العصر هي الصلاة الوسطى المذكورة في قول اللَّه تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وذلك للأدلة الآتية وغيرها.
1- عن علي بن أبي طالب رضي اللَّهُ عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: ” ملأ اللَّه قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس” رواه البخاري ومسلم. ولمسلم وأحمد وأبي داود: ” شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر”.
2- عن ابن مسعود رضي اللَّهُ عنه قال: حبس ( حبس هنا بمعنى منع ) المشركون رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس واصفرت فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: ” شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ اللَّه أجوافهم وقبورهم نارا- أو حشا اللَّه أجوافهم وقبورهم نارا” رواه أحمد ومسلم وابن ماجة.
* * *
في المقال القادم- إن شاء اللَّه- نواصل الحديث في مواقيت الصلاة، واللَّه الموفق والمعين. وصلى اللَّه وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
أحمد فهمي أحمد
فايل 1-mg-7
2