باب السنة
يقدمه
فضيلة الشيخ محمد علي عبد الرحيم
الرئيس العام للجماعة
1- توكل المؤمن على الله في كل الأمور
التوكل على الله في السفر – سؤال العبد ربه أن يكون سفره محققاً لمصالح الدين والدنيا – طلبه دفع شرور السفر وأخطاره – تذكر آلاء الله وكرمه – اشتمال السفر على طاعة الله تعالى – سفر الطاعة والسفر المحرم.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون. اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما تحب وترضى. اللهم هون علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده. اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل. اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب، في المال والأهل والولد. وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون) رواه مسلم.
المفردات
استوى على بعيره = جلس على الدابة وتهيأ للسفر.
سبحان = تنزيهاً لله تعالى عن كل نقص.
سخر لنا هذا = جعله في خدمتنا،وذلله لطاعتنا واستعمالنا إياه.
مقرنين = مطيقين.
ويدخل فيه كل ما يُستعمل للركوب من الدواب والسفن والسيارات والقطارات والبواخر والطيارات والدراجات وغيرها.
البر= كل أعمال الخير والأفعال الحميدة والأخلاق الكريمة.
التقوى= مخافة الله تعالى.
هون عينا السفر= بتشديد الواو، أي اجعل سفرنا سهلاً هيناً.
اطو لنا بعده = بضم الباء أي اجعل بعده قريباً.
أنت الصاحب في السفر= أي معيناً لنا على السفر.
الخليفة في الأهل= أي يخلف المسافر في أهله، ويتولاهم في غيبته.
الوعثاء= بفتح الواو وإسكان العين أي الشدة.
الكآبة= الحزن ودواعيه.
سوء المنقلب = سوء المرجع والمصير.
نبذة عن الراوي
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وعن أبيه، ولد بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين، وهاجر مع أبيه صبياً وهو ابن عشر. ومات بمكة عن سبعة وثمانين عاماً، فطال عمره وحسن عمله.استصغره النبي ?يوم بدر ويوم أحد. وهو من الذين أسلموا قبل البلوغ كابن عباس وأنس وعلي بن أبي طالب رضى الله عنه أجمعين. وشارك في غزوة الخندق وما بعدها. ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاح، ففي صحيح البخاري أن النبي ? قال لأخته حفصة (أن عبد الله رجل صالح).
وكان ورعاً نقياً كثير البكاء من خشية الله تعالى.
وعن نافع أن ابن عمر إذا فاتته صلاة في جماعة (وهذا من النادر) صلى إلى الصلاة الأخرى. وسئل نافع ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما (كناية عن تلاوة القرآن بين الصلوات).
وهو أحد العبادلة الأربعة: عبد الله بن عباس، عبد الله بن عمر، عبد الله بن الزبير،عبد الله بن عمرو بن العاص. وليس منهم عبد الله بن مسعود لأنه تُوفيَّ قبل إطلاق هذا الاسم عليهم كما قال الإمام أحمد رضي الله عنهم أجمعين.
المعنى
اختص الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بالمحامد الكثيرة، والمآثر الوفيرة، ومنحه مكارم الأخلاق، وآتاه جوامع الكلم، وحث على الاقتداء به، والسير على نهجه، والاهتداء بهديه، والامتثال لأمره ونهيه، وأدبه فأحسن تأديبه، وعلمه ما لم يكن يعلم، وأرشده إلى كل خير، وفتح به قلوباً غلفاً، وأبصاراً عمياً،وآذاناً صما. وكان من آثار ذلك أن تلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم أوامر ربه بقوة وحزم، فما تراخى ولا تأخر.
فمن ذلك أن الله تعالى أنزل عليه قوله الكريم ((ِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا)) [الجمعة: 10] فكان يذكر الله تعالى على سائر أحواله: من التفكير في خلق السموات والأرض، ومراقبة الله في السر والعلن، وكان دائم العبادة، موصول الطاعة لربه، الثقة بالله تملأ قلبه، والتوكل عليه والملاذ إليه كنزه الذي لا يفنى.
يذكر الله تعالى في كل شأن من شئونه: قبل النوم وبعده، وقبل الأكل وعند الانتهاء منه، وقبل وبعد الشرب، وعند دخول المسجد والخروج منه، وعند دخول الخلاء والانتهاء منه، وعند لبس الثوب، وعند نزول المطر، وعند استماع الرعد، وغير ذلك من الأذكار التي سنها صلى الله عليه وسلم لأمته، وأجلها قدراً غض البصر والعزوف عما حرم الله.
وصفوة القول أنه لا يقعد ولا يقوم ولا ينام إلا على ذكر الله تعالى. فعندما يشرع في السفر – والسفر قطعة من العذاب – كان يدعو الله تعالى بأدعية اشتملت على مصالح الدنيا والدين، ودفع المكاره والشرور، وشكر المنعم على نعمائه، والتذكر لآلائه وكرمه، والتمس من الله أن يكون السفر بلاغاً إلى طاعته تعالى، ووسيلة تقرب إليه بأي سفر مباح.
والسفر المباح كسفر التجارة والتعلم وزيارة معالم الحضارة، وغير ذلك مما يزيد المرء مالاً أو ثقافة أو علماً. وكذلك سفر العبادة كشد الرحال للمساجد الثلاثة، وزيارة الوالدين والأرحام في أماكن تستوجب السفر. فكل أنواع هذا السف