الوضوء
بين
العلم
والدين
بقلم الدكتور
محمد السقا عيد/ماجستير طب وجراحة العيون
الدين الإسلامي دين يؤثر النظافة والتطهر ، يقول اللَّه تعالى في كتابه العزيز : { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ } [ البقرة : 223 ] ؛ لأن الطهارة تؤدي إلى قوة البدن ونظافته قبل نظافة اليد والقلب واللسان ، وهي توأم الصحة ، ولما فُرضت الصلوات الخمس على المسلمين كان لا بد من الوضوء ، وقد جاء ذكر الوضوء في القرآن الكريم وأضافت إليه السنة ، وفيه غسل اليدين إلى الرسغين ، ثم المضمضة ، فالاستنشاق ، ثم غسل الوجه ، وغسل اليدين إلى المرفقين ، ثم مسح الوجه والرأس ، ثم غسل الرجلين إلى الكعبين ، يقول تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ } [ المائدة : 6 ] .
فعن أبي مالك الأشعري ، رضي اللَّه عنه ، قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( الطهور شطر الإيمان ، والحمد للَّه تملأ الميزان ، وسبحان اللَّه والحمد للَّه تملأن ( أو تملأ ) ما بين السماوات والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ، والقرآن حجة لك أو عليك .. )) . أخرجه مسلم .
والإسلام وهو يحث على ذلك يطلب من أبنائه أن يكونوا دائمـًا على هذا الحال من الطهارة ، حتى عندما يريدون أن يأووا إلى مضاجعهم ليستريحوا من تعب العمل طول النهار ، فيقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه البراء بن عازب ، رضي اللَّه عنه : (( إذا اتخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن )) . رواه الجماعة .
وقد بين عليه السلام أن أمته تُعرف بين الأمم على كثرتها بهذا النوع من النظافة ، وهذا الأثر من الوضوء والطهارة ، فيقول صلى الله عليه وسلم : (( إن أمتي يُدعون يوم القيامة غرلاً محجلين من أثر الوضوء )) . قال أبو هريرة : فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل . رواه أحمد والشيخان .
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ألا أدلكم على ما يمحو اللَّه به الخطايا ويرفع به الدرجات )) . قالوا : بلى يا رسول اللَّه ، قال : (( إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط ، فذلكم الرباط )) . رواه مالك ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي .
والوضوء بأحكامه موجود بالتفصيل في كتب الفقه والسنة ، ولكن ما سنعرض له من ناحية الأبحاث العلمية في أثر الوضوء على الميكروبات وفوائده الطبية على الجسم .
فجلد الإنسان ، وهو أكبر عضو فيه وسطحه حوالي مترين في الشخص البالغ معرض لتواجد ميكروبات عليه من الأنف والأمعاء أو مصادر خارجية تحتك به .
وهناك نوعان من البكتريا الموجودة على الجلد :
1- البكتريا المقيمة : وهي التي تكون موجودة وبانتظام وبكميات معقولة على جلد معظم الناس ، وهذه البكتريا تكون مجتمعات على سطح الجلد وليس من السهل التخلص منها ، وإذا وجدت هذه البكتريا الظروف المناسبة لها على سطح الجلد فإنها تتحول إلى بكتريا مرضية تصيب الجسم .
2- البكتريا المؤقتة : وهي تشمل كمية ضخمة من الميكروبات ، ولكن لا تستمر لفترة طويلة على الجلد ، فإنها تزول بعد غسله أو تطهيره ، فإذا كان الجلد مريضـًا فإن البكتريا المؤقتة يصعب إخراجها .
وقد وجد أن غسل اليدين فقط ولمدة دقيقة واحدة تزيل 30- 40% من البكتريا الهوائية ، وغسل الذراعين والوجه لمدة 15 ثانية تزيل من 60- 80% من البكتريا الهوائية في الذراع ، 65- 95% في الوجه .
إن حكمة العلي القدير في غسل الوجه والأيدي إلى المرافق ، ومسح الرأس ، وغسل الأرجل حتى الكعبين ثلاثـًا مع كل صلاة له أكبر الأثر في القضاء والتخلص من معظم البكتريا المقيمة المؤقتة ، ناهيك عن التطهر لتكون في حضرة المولى جلا جلاله .
فالمضمضة : تطرد أية فضلات مجتمعة أو بقايا للطعام في الفم ، كما تغير الريق في الفم ، وفي هذا التغير تتحول المواد السكرية إلى كحول إثيلي له رائحة مميزة ، وقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالسواك في أكثر من حديث .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( السواك مطهرة للفم ، مرضاة للرب )) ، فهو يطرد الفضلات التي لو تُركت لأتلفت الفم ، وقرضت الأسنان وورمت اللثة والتهبت جدران الفم والأسنان .
والاستنشاق : يدفع النفايات والأوساخ العالقة بالشعر الموجود عند مدخل الأنف ، كما أن غسل الأنف له ميزة كبرى في تنظيف ذلك الشعر .
وتحت عنوان (( غسيل الأنف يحافظ على صحة الإنسان )) كتبت مجلة (( العلم )) القاهرية في عددها رقم (113) إصدار يونية 1985م مقالاً تقول فيه ، بأن العلماء قد وجدوا أن غسيل الأنف المتكرر هو أبسط الطرق وأسهلها للوقاية من تلوث الأنف بالميكروبات


