الأربعاء 8 ربيع الأول 1446 11-9-2024

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الأربعاء 8 ربيع الأول 1446 11-9-2024

الوازع بين الدين والقانون

أحدث الأخبار

شيخ الأزهر يرد على الإساءة للرسول الكريم

استنكر شيخ الأزهر أحمد الطيب الرسوم المسيئة التي أعادت نشرها صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة، ووصفها بأنها “جريمة في حق الإنسانية”. وقال الطيب -في منشورات...

انحراف البشرية عن التوحيد وأسبابه

د. عبد الله شاكر الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، والصلاة والسلام على من أرسله...

ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق

  إعداد: مصطفى البصراتي الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعدُ: ففي هذا العدد نتكلم عن مثل من الأمثال الموجودة...

مقالات متنوعة

كلمة التحرير(الأزهر… وقيــادة الأمــــة)

الحمد للَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه... وبعد: فقد مضت على الأزهر قرون متعاقبة وهو يؤدي رسالته، ويقود أمته، وقد انتسب إليه علماء أفذاذ يشار...

موضوع العدد(القــــــرآن وحقــــائق العلـــــم)

خلق السماوات والأرض: في هذا المجال يقدم القرآن للناس حقائق أساسية عن عملية خلق هذا الكون وما فيه، فنعلم أنه: - في البدء كان الكل شيئًا...

باب الطب الإسلامي (مفتي الجمهورية: التدخيـــن أسوأ من الخمر!!)

إن الحلال هو النافع، وإن الحرام هو الضار، ومنها ما هو معلوم النفع بالضرورة كنفع العسل، أو معلوم الضرر بالضرورة كضرر السّم، وبين ذلك...

الوازع بين الدين والقانون
بقلم : أحمد لطفي السيد

الوازع هو القوة الرادعة المانعة من ارتكاب المنهي عنه وللدين وازع كما أن للقانون وازعا وشتان بين وازع هذا ووازع ذلك فإن القانون من نتاج عقل البشر الذي قد يخطئ وقد يصيب ولكن الدين من الله عز وجل الذي له الكمال المطلق والذي يهب الحياة ويمنح الخير للخلائق كلها ويقيم الحياة الإنسانية على أفضل صورة
القانون يحاسب على ما ظهر وثبت فالمسئولية القانونية بمختلف أنواعها لا تقوم إلا على فعل محدد وقامت عليه شهادة الناس وقرائن المادة وبغير هذا الفعل المحدد ووسائل الإثبات المقررة لا تنهض المسئولية بل ولا يحتاج صاحبه إلى شهادة فالله سبحانه وتعالى عالم بكل شيء يفعله الإنسان في الليل والنهار في السر والعلن (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ)[110 طه] (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[1 النساء] (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)[13-14 الملك]
والقانون لا يعطي لكل من أحسن التصرف مكافأة ولكن الدين لا يقتصر على عقوبة العاصي بل يثيب المحسن (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ)[30-32 فصلت] (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[7-8 الزلزلة]
والقانون لا يثيب من اعتزم الجريمة ثم عدل عنها والدين يثيب من هم بمعصية ثم تركها ويعتبر رجوعه عنها مجاهدة تستحق حسن الجزاء
والقانون لم يعتبر بعض الجرائم ذات الحدود في القرآن الكريم جرائم ثم إن ما يعتبره القانون جرائم قد وضع له عقوبات غير ما نص عليه القرآن الكريم وأمر بتنفيذه في غير هوادة وهذا فرق بين الدين والقانون لا يستهان به فمن أروع نواحي الإعجاز التشريعي للقرآن صيانته للحريات وحمايته للكليات الخمسة الضرورية لحياة الإنسان (النفس والدين والعرض والمال والعقل) ورتب عليها العقوبات المنصوصة التي عرفت في الفقه الإسلامي بالحدود (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ)[179 البقرة] (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ)[2 النور] (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا)[38 المائدة]
إن من رحمة الله بالمسلمين وحكمته وعدالته أن كل ما شرعه في الإسلام وكل ما دعاهم إليه في كتابه الكريم وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من عقائد وعبادات ومعاملات وعقوبات وسائر ما فرضه من فرائض وما حرمه من محرمات وما حده من حدود إنما هو لخير الناس وتحقيق مصلحتهم بجلب النفع لهم أو دفع الضرر أو رفع الحرج عنهم (إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا)[9 الإسراء] (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)[185 البقرة] (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)[78 الحج] ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم [لا ضرر ولا ضرار]
ومن هنا يتضح أن وازع الدين أقوى من وازع القانون فوازع الدين هو الذي يجعل المسلم يتذكر على الدوام أن كل ما يفعله محصي عليه ومحاسب به وأن كل كلمة تخرج من فمه ستكون له أو عليه (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)[18 ق] وأن هذا الحساب سيشمل الصغيرة والكبيرة (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)[49 الكهف]
أما في غيبة الوازع الديني يكون الربا وتكثر الجرائم الضارة بالمصلحة العامة وجرائم الاعتداء على الأشخاص وعلى الأموال
ويتجلى سلطان الوازع الديني في أنه يربي في الإنسان ملكة الحياء من الله فيستحي أن يجحد نعمه ويخجل من أن ينتهك حرماته فلا يكون كاذبا في قول أوغاشا في معاملة أوخائنا فيما أؤتمن عليه فيحفظ حق ربه وحقوق الناس
لقد كانت وثبة الإسلام الكبرى في عصره الأول معزوة إلى الوازع الديني المغروس في صدور المسلمين ولولا مكانه في نفوس المسلمين وحياتهم لما انتصر في غزواته ولما نمت حضارته وعمت ظلالها أرجاء العالمين
أحمد لطفي السيد

أخبار متعلقة

شيخ الأزهر يرد على الإساءة للرسول الكريم

استنكر شيخ الأزهر أحمد الطيب الرسوم المسيئة التي أعادت نشرها صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة، ووصفها بأنها “جريمة في حق الإنسانية”. وقال الطيب -في منشورات...

انحراف البشرية عن التوحيد وأسبابه

د. عبد الله شاكر الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، والصلاة والسلام على من أرسله...

ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق

  إعداد: مصطفى البصراتي الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعدُ: ففي هذا العدد نتكلم عن مثل من الأمثال الموجودة...

قصة مرض الصحابي خوات بن جبير ووصية النبي صلى الله عليه وسلم له

قصة مرض الصحابي خوات بن جبير ووصية النبي صلى الله عليه وسلم له إعداد: علي حشيش الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعدُ: نواصل في هذا...

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا