المشروع والممنوع في الصدقات !!
{ قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ }
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على محمد وحزبه وبعد :
فهذا موضوع في الصدقات المشروعة والممنوعة ، نفعنا الله باتباع كتابه وهدي نبيه ( .
أوجب الله سبحانه الصدقات وجعلها واجبة على كل موسر ، ولم تكن تطوعًا ولا هبة من الأغنياء للفقراء ، ولكن جعلها الإسلام فريضة واجبة وهي زكاة للأموال والغلات – أي طهر لها .
وللصدقات المشروعة مصارف حددها الله عز وجل في كتابه العزيز لا يخالفها إلا الضالون ، وقد جعلها سبحانه في مصارف ثمانية ، نطقت بها الآية الكريمة في سورة التوبة ، وتحرم الصدقات على :
1- آل بيت النبوة ومواليهم .
2- وعلى الأقوياء ذوي القدرة على الكسب .
3- وتحرم على محترفي التسول والمرتزقة من أصحاب الطرق المتنطعين .
4- وتحرم على سدنة القبور .
* * *
وإلى أخي القارئ موجز الشرح فأقول :
قد تضمنت الآية الكريمة الأنواع الثمانية لمصارف الصدقات في قوله تعالى : { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } .
ولا تحل الصدقات إلا لهؤلاء الثمانية دون غيرهم . فالفقراء من لا مال لهم ولا كسب ، والمساكين من لهم مال أو كسب لا يكفيهم ، وذلك لقوله تعالى : { أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ } .
والعاملين عليها : السعاة في تحصيلها وجمعها والإشراف عليها .
والمؤلفة قلوبهم : وهم قوم أسلموا وعقائدهم ضعيفة . والمراد تأليف قلوبهم للإسلام بالإنفاق عليهم مع وجود عمل لهم .
وفي الرقاب : ومعناه شراء العبيد وإعتقاهم .
والغارمين : أي المدينين في غير معصية ولا إسراف وهم أصحاب الدخل المحدود الذي لا يفي حاجتهم وحاجة عيالهم فيستدينون لسد حاجاتهم فأولئك يدخلون في الغارمين .
وأما المدينون في معصية كالتدخين والمخدرات والمسكرات إلخ .. فلا يدخلون في الغارمين .
وفي سبيل الله : ومعناه النفقات في الجهاد وشراء السلاح وتجهيز الجيوش وأيضًا في بناء المصانع والمدارس والملاجيء والمساجد والمنشآت العامة .
وابن السبيل : وهو المسافر المنقطع عن ماله وأهله وإن كان من الأغنياء وأصحاب الجاه ” فريضة من الله ” أي أن هؤلاء الثمانية هم الذين فرض اللَّه لهم الزكاة وجعلها فريضة واجبة تدفع لهم دون غيرهم ، ومن منعها صار مرتدًا وجبت مقاتلته حتى يدفعها ، وقد فعل ذلك أبو بكر الصديق في محاربة المرتدين حينما أجمعوا على عدم دفعها .
وقد أخرج أبو داود عن زياد بلحارث قال : ” أتيت رسول اللَّه ( فبايعته فأتى رجل فقال : أعطني من الصدقات ، فقال له رسول الله ( : إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو سبحانه ، فجزأها ثمانية أجزاء ، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيناك ” .
وأما الصدقات الممنوعة فأوجزها فيما يلي :
( تحرم الصدقات على آل البيت ومواليهم ) ، وذلك لحديث أبي هريرة عن النبي ( قال : ” إنا لا تحل لنا الصدقة ” أورده الشيخان ، وفي حديث المطلب بن ربيعة أن النبي ( قال : ” إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل بيت محمد إنما هي أوساخ الناس ” وهو في صحيح مسلم ، وحكم مواليهم حكمهم في ذلك .
وأما كونها تحرم على الأقوياء المكتسبين فالحجة فيه ما أورده أحمد وأهل السنة من حديث عبد الله بن عدي أن رسول اللَّه ( قال : ” ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ” . وفي لفظ آخر : ” ولا لذي مرة قوي ” ومعناه صاحب القوة والعقل .
كما تحرم على محترفي البطالة الذين يبتغون الصدقات من طرق غير مشروعة ، فمنهم من يبتغيها بقراءة القرآن ، ومنهم من يطلبها بمدح النبي ( ، وفريق آخر يفرضها ضريبة بادعائهم ( المشيخة ) ، ومنهم القابعون في الخلوة والمعتكفون في المقابر بحجة أنهم محكوم عليهم من أهل الباطن فتنهال عليهم الصدقات من كل حدب وما أكثر الجهلاء !!
وهناك فريق أخطر على الدين من هؤلاء جميعًا وهم السادة الخلفاء الذين يحملون الخلافة من المتصوفة وغيرهم الذين يبلغون ثلاثًا وسبعين فرقة وعلى رأسهم شيخ السجادة كلهم في النار حكم عليهم الإسلام بالخروج عن دائرته فما هم بمسلمين ذلك لأنهم هجروا العمل واستحبوا البطالة ليعيشوا على حساب الناس فويل للإنسان من ظلم الإنسان .
ولا تنس أن الإسلام يرغب في العمل الكريم من كسب اليد ، فقد أورد البخاري في صحيحه عن المقدام أن النبي ( قال : ” ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من كسب يده ” .
فالمتصدق على هؤلاء قد تجنب الصواب وخالف الشرائع واتبع الشيطان ، وأغضب الرحمن ، فضلاً عن أنه يشجع على معصية الله ؛ لأنها صدقة غير