المؤتمر العالمي
لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة
بالمدينة المنورة
بقلم: محمد على عبد الرحيم
الرئيس العام للجماعة وعضو المؤتمر
انعقد في المدينة المنورة مؤتمر عالمي إسلامي مكون من مندوبي 72 دولة، دعت إليه الجامعة الإسلامية، وذلك في المدة من 24 صفر 1397 إلى 29 منه ( الموافق 12 إلى 17 فبراير 1977 )، ويعتبر انعقاد هذا المؤتمر دليلاً على اهتمام المملكة العربية السعودية بالدعوة إلى اللَّه وإعداد الدعاة.
وقد افتتح المؤتمر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد اللَّه بن باز الرئيس العام لإدارات الإفتاء والبحوث والدعوة والإرشاد، نيابة عن صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبد العزيز ولي العهد والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
وقال سماحته في كلمة الافتتاح إن هذا المؤتمر دعت الضرورة إلى عقده، وحضره نخبة من أقطار الدنيا، للبحث في شئون الدعوة الإسلامية ومحاربة الأقطار الضالة.
لقد أدركت الجامعة الإسلامية في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم الحاجة الملحة إلى عقد مؤتمر عالمي لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة، فكان هذا اللقاء المبارك. ودعا سماحته إلى السير على نهج السلف الصالح من الصحابة الكرام، ومن تبعهم بإحسان. وبين أن الدعوة إلى اللَّه تقتضي التقرب إليه تعالى بالعمل الصالح الذي يكون خالصًا لله، وموافقًا لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذكر أن الدعوة تشمل الأمر بالمعروف والنهي عن كل منكر، كما أوضح كيفية الدعوة وأسلوبها، واستشهد بقول اللَّه عز وجل: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وبين ما ينبغي أن يكون عليه الداعية من التحمل والصبر،وكشف الشبهات، وإيضاح الأدلة بالأسلوب الحسن، مستشهدًا بأن اللَّه تعالى أمر موسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون أن يقولا له قولاً لينًا لعله يتذكر أو يخشى، مع أنه أطغى الطغاة، كما قال ربنا لنبيه: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}.
وبين أيضًا أن الدعوة تشمل العقيدة الصحيحة، والإخلاص لله، وتوحيده بالعبادة، والإيمان به، ويدخل في ذلك أيضًا إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت إلى غير ذلك.
كما يدخل في الدعوة أيضًا ما يحتاج إليه الناس في أمور دينهم ودنياهم من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وكل ما يدعو إلى السياسة الصالحة الحكيمة التي تجمع ولا تفرق، وتؤلف ولا تباعد، كما تدعو إلى صفاء القلوب، واحترام الأخوة الإسلامية، والنصح لكل مسلم، والحكم بالشريعة الإسلامية، وترك الحكم بغير ما أنزل اللَّه.
وبين سماحته أن نظام المال في الإسلام نظام متوسط، لا مع رأس المال الغاشم في الغرب، ولا مع الشيوعيين والملحدين الذي استباحوا الأموال، وأهدروا حرمات اللَّه،. وحث على التآخي والتراحم مستشهدًا بقول اللَّه عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ}، وقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقول رسوله الكريم: ” المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله”، وقوله: ” المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا”، وقوله: ” المؤمن مرآة أخيه المؤمن” ودعا إلى أن نأخذ الإسلام كله، ولا نأخذه جانبًا دون جانب، فلا نأخذ العقيدة ثم ندع الأحكام والأعمال.
واستطرد سماحته فقال: إن الإسلام دين العدالة، دين الحكم بالحق، ودين المساواة، والواجب علىالداعية أن يدعو إلى الإسلام كله، ولا يفرق بين المسلمين، ولا يكون متعصبًا لمذهب دون مذهب. فالمقصود من الدعوة إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وإرشادهم إلى الحق حتى يأخذوا به وينجوا من النار.
كما أوصى الداعية أن يكون على علم، ولا يكون جاهلاً بما يدعو إليه {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} كما يجب أن يكون قدوة صالحة فيما يدعو إليه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ}.
وفي ختام كلمته سأل اللَّه عز وجل أن يوفق الجميع لحسن الدعوة، وأن يصلح القلوب والأعمال، وأن يجعلهم من الهداة المهتدين، والصالحين المصلحين، وصلى اللَّه على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين.
* * *
وكان عدد أعضاء المؤتمر نحو 220 عضوًا من سائر أنحاء العالم، انبثق منهم خمس لجان:
1- اللجنة الأولى تبحث عن مناهج الدعوة الإسلامية ووسائلها وأساليبها وسبل تعزيزها وتطوير أدائها بما يحقق أهدافها.
2- اللجنة الثانية: تبحث عن إعداد الدعاة.
3- اللجنة الثالثة: تبحث عن مشاكل الدعوة في العصر الحديث ووسائل التغلب عليها.
4- اللجنة الرابعة: تبحث وسائل الإعلام في العصر الحديث، ودورها في توجيه الأفراد والجماعات، وآثارها المضادة للدعوة الإسلامية وما يجب اتخاذه بشأنها.
5- اللج