دروس في الفقة الإسلامي
باب العبادات
للأستاذ أحمد فهمي أحمد
خصال الفطرة
1- الختان والاستحداد ونتف الابط
روى مسلم في صحيحه قال: حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب قالوا: حدثنا وكيع عن زكرياء بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم ( البراجم: بفتح الباء وبالجيم جمع برجمة بضم الباء والجيم وهي ظهر عقدة كل مفصل )، ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء”. قال زكرياء: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة زاد قتيبة: قال وكيع: انتقاص الماء يعني الاستنجاء.
وخصال الفطرة إنما هي سنن معينة اختارها الله تبارك وتعالى للأنبياء عليهم السلام وأمرنا بالاقتداء بهم فيها، وقد فسرها بعض العلماء بأنها ( الدين ) لقوله تعالى: ) فأقم وجهك للدين حنيفا، فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون( [الروم: 30].
وقبل أن نتناول هذه الخصال أو بعضها بالشرح- أقول: إن هذه العشر الخصال التي جاءت في الحديث الشريف سالف الذكر ليست هي كل خصال الفطرة ولكن بعضها، يدلنا على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ” عشر من الفطرة” ( من في قوله صلى الله عليه وسلم: ” عشر من الفطرة” للتبعيض ) كما جاء في رواية أخرى ” خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب” وهذه الصيغة لا تفيد الحصر، ولكنها توضح أن هذه الخصال المذكورة من الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
أولا- الختان
1- بالنسبة للرجل: هو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة حتى ينكشف جميع الحشفة، ليتمكن من الاستبراء من البول استبراء تام، ولئلا تنقص لذة الجماع، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم” ( القدوم: وقع في رواية البخاري الخلاف في تخفيف الدال وتشديدها. وآلة النجار يقال لها قدوم بالتخفيف لا غير، وأما القدوم مكان بالشام ففيه التخفيف والتشديد، فمن رواه بالتشديد أراد القرية، ورواية التخفيف تحتمل القرية والآلة، والأكثرون على التخفيف، وعلى ارادة الآلة ).
ويرى جمهور الفقهاء أن ختان الرجل واجب، ولكل منهم رأيه في تحديد وقته، وهي آراء لا يلزم أحد باتباعها، وقد ذكر الشوكاني أنه لم يرد دليل على تحديد وقت الختان ولا ما يفيد وجوبه.
2- بالنسبة للمرأة: هو قطع أدني جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج، ويرى أكثر الفقهاء أن ختان المرأة ليس واجبا، وإنما هو مكرمة: أي عمل كريم يحسن فعله ( الأحاديث الواردة في ختان المرأة ضعيفة لم يصح منها شيء ).
وروى أبو داود عن أم عطية أن امرأة كانت تختن النساء بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ( ( لا تنهكي ( لا تنهكي: بفتح التاء والهاء أي لا تبالغي في استقصاء الختان ) فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل” قال أبو داود: وهذا الحديث ضعيف رواية مجهول.
وإذا نظرنا إلى ما يحدث الآن في بعض البيئات من المبالغة في عملية الختان بحجة العفة، وعدم إثارة الشهوة- لوجدنا أن هذه المبالغة لا تفيد في ذلك شيئا، لأن مقاييس العفة والأخلاق تخضع للتربية الإسلامية في البيت وفي المجتمع، فإذا نشأت المرأة هذه النشأة الإسلامية حافظت على قيم الدين وتعاليمه وإن لم تختتن، وإذا نشأت في بيئة فاسدة تحيط بها الرذيلة فلن ينفعها هذا الختان في المحافظة على شرفها أو على أية قيم دينية لأنها لا تعبأ بهذه القيم.
وعلى هذا فإننا نرى أن ختان المرأة يخضع لرأي الطبيبة المسلمة التي يطمئن إليها المسلمون، فإذا رأت اعتدال الخلقة الطبيعية وعدم وجود هذه الجلدة التي تقطع أو صغرها لم يكن هناك داع للختان، وإذا رأت غير ذلك قامت بعملية الختان مع مراعاة الاعتدال وعدم المبالغة أو الاستئصال ( ولعل هذا البيان والتفصيل إجابة عن سؤال الأخ صديق محمد خير من الأبيض بالسودان ).
ثانيا- الاستحداد ونتف الإبط
الاستحداد- هو حلق العانة، وسمى استحدادا لاستعمال الحديدة وهو الموسى، والمقصود (بالعانة ) الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذلك الشعر الذي حول فرج المرأة، وقد نقل عن بعض العلماء أن شعر العانة يضم أيضا الشعر النابت حول حلق الدبر، وعلى هذا يكون معنى الاستحداد، أو حلق العانة هو حلق جميع ما على القبل والدبر وحولهما، والمراد به نظافة ذلك الموضع والأفضل فيه الحلق، ويجوز بالقص والنتف والنورة ( النورة: طلاء يطلي به الجلد فيسقط شعره ). أما نتف الابط فالأفضل فيه النتف لمن قوي عليه وإلا جاز بأي وسيلة غير النتف.
أما وقت حلق العانة ونتف الإبط فإنه يكون حسب الحاجة، كلما