باب العبادات
درس في الفقه الإسلامي
بقلم: أحمد فهمي أحمد
الوضوء
يتضمن الحديث عن الوضوء المباحث الآتية:
1- دليل مشروعيته. 2- فضله.
3- صفته. 4- فرائضه وسننه.
5- نواقضه. 6- ما يجب وما يستحب له الوضوء.
1- دليل مشروعيته
ثبتت مشروعية الوضوء بأدلة من الكتاب والسنة، وقد انعقد إجماع المسلمين حتى صار معلومًا من الدين بالضروة، وإليك بعض الأدلة:
الدليل من القرآن: قال اللَّه تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْوُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [المائدة: 6].
دليل من السنة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : ” لا تقبل صلاةأحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ” رواه الشيخان وغيرهما.
2- فضله
ورد في فضل الوضوء أحاديث كثيرة عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، منها:
1- ” من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه”.
2- ” لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء فيصلي صلاة إلا غفر اللَّه له ما بينه وبين الصلاة التي تليها”.
3- ” من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة”.
4- ” من توضأ هكذا ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة غفر له ما خلا من ذنبه”.
5- ” تَرِد عليَّ أمتي الحوض، وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله” قالوا: يا نبي اللَّه: أتعرفنا؟ قال ” لكم سيما ( علامة ) ليست لأحد غيركم، تردون على غرًا محجلين ( الغرة بضم الغين بياض في جبهة الفرس والتحجيل بياض في قوائمه،و قد شبه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم النور الذي يكون على مواضع الوضوء يوم القيامة بالغرة والتحجيل تشبيهًا بغرة الفرس ) من آثار الوضوء وليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون، فأقول يارب هؤلاء من أصحابي فيحيبني ملك فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟”.
6- ” ألا أدلكم على ما يمحو اللَّه به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول اللَّه. قال: إسباغ الوضوء علىالمكاره، وكثرة الخُطَى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط”.
وهذه الأحاديث رواها مسلم، وبعضها في غير مسلم أيضًا.
3- صفته
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن حمران مولى عثمان أنه ( رأى عثمان دعا بوضوء ( دعا بوضوء أي بماء يتوضأ به ) فتوضأ فغسل كفيه ثلاث مرات، ثم مضمض ( المضمضة: أي يجعل الماء في فمه ثم يديره ثم يمجه ) واستنشق ( الاستنشاق: إيصال الماء إلى الأنف وجذبه بالنفس إلى أقصاه ) واستنثر ( الاستنثار: إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق )، ثم يغسل وجهه ثلاث مرات، ثم يغسل يده اليمنى إلى المرفق ( المرفق: المفصل الذي بين العضد والساعد ويدخل فيما يجب غسله ) ثلاث مرات، ثم يغسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلىالكعبين ( كلمة الكعب لها معنيان: أحدهما العظم الناشز عن ملتقى الساق والقدم، والآخر العظم الذي في ظهر القدم، والحديث يدل على أن المعنى الأول هو المقصود حيث جعل لكل رجل كعبين، وهما يدخلان فيما يجب غسله، ثم قال رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : ” من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه”.
وقد روى البخاري عن ابن عباس أنه: ( توضأ فغسل وجهه: أخذ غرفة من ماء فمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا: أضافها إلى يده الأخرى فغسل بهما وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله يعني اليسرى، ثم قال: هكذا رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتوضأ ).
ملاحظات تتعلق بصفة الوضوء
1- من السنة أن يكون الاستنشاق باليد اليمنى، والاستنثار باليد اليسرى، لما رواه أحمد والنسائي من حديث علي رضي اللَّه عنه: أنه دعا بوضوء فتمضمض واستنشق، ونثر بيده اليسرى، ففعل هذا ثلاثًا ثم قال: هذا طهور نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم .
2- الثابت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه كان يتمضمض ويستنشق من كف واحد من الماء، لما رواه البخاري ومسلم عن عبد اللَّه بن زيد ( أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق من كف واحد، ففعل ذلك ثلاثًا ) وفي رواية أخرى لهما ( تمضمض واستنثر بثلاث غرفات ).
3- بالنسبة لمسح الرأس فقد ثبت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمور ثلاثة، هي:
أولاً- مسح جميع رأسه بادئًا من قدم رأسه إلى قفاه، ثم ردهما إلى مقدم رأسه مرة أخرى: ففي حديث عبد اللَّه بن زيد ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأد