باب العبادات
درس في الفقه الإسلامي
بقلم. أحمد فهمي أحمد
الوضوء
( 5 )
ما يجب له الوضوء وما يستحب له
أولاً- ما يجب له الوضوء
لا يجب الوضوء إلا للصلاة- سواء كانت فرضًا أو نفلاً أو صلاة جنازة- والطواف حول الكعبة. وذلك للأدلة الآتية:
1- قول اللَّه عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْوُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [المائدة: 6].
2- حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ” لا يقبل اللَّه صلاة بغير طهور” رواه الجماعة إلا البخاري.
3- عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” الطواف صلاة، إلا أن اللَّه تعالى أحل فيه الكلام، فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير”. رواه الترمذي والدارقطني وصححه الحاكم وابن السكن وابن خزيمة.
4- عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: ” أول شيء بدأ به النبي حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت” رواه البخاري ومسلم.
* * *
ثانيًا- ما يستحب له الوضوء
1- مس المصحف: للدليل الآتي:
عن عبد اللَّه بن أبي بكر ( أن في الكتاب الذي كتبه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر ) رواه مالك مرسلاً، ووصله النسائي وابن حبان. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد من حديث عبد اللَّه بن عمر أنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : ” لا يمس القرآن إلا طاهر” قال الهيثمي رجاله موثقون وذكر له شاهدين.
يقول صاحب سبل السلام ( ولكنه يبقي النظر في المراد من ” الطاهر”، فإنه لفظ مشترك يطلق على الطاهر من الحدث الأكبر،والطاهر من الحدث الأصغر، ويطلق على المؤمن، وعلى من ليس على بدنه نجاسة، ولا بد لحمله على معين من قرينة، وأما قوله تعالى: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَ الْمُطَهَّرُونَ} فالأوضح أن الضمير للكتاب المكنون الذي سبق ذكره في صدر الآية، وأن المطهرون هم الملائكة ) ( يشير إلى قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ . فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ . لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 77: 79] ) انتهى.
وعلى هذا لا يكون الحديث نصًا في منع المحدث حدثًا أصغر من مس المصحف،وقد ذهب إلى هذا ابن عباس والشعبي والضحاك وداود وابن حزم وغيرهم.
* * *
2- عند ذكر اللَّه عز وجل: للأدلة الآتية:
( أ ) حديث المهاجر بن قنفد رضي اللَّه عنه أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ، فلم يرد عليه حتى يتوضأ فرد عليه وقال: ” إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أنى كرهت أن أذكر اللَّه إلا على طهارة” رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
( ب ) عن أبي جهيم بن الحارث رضي اللَّه عنه قال: ( أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى أقبل على جدار فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام ) رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي
وهاتان الروايتان لا يستفاد منهما الوجوب وإنما الاستحباب للدليلين الآتيين:
( جـ ) عن عائشة رضي اللَّه عنه قالت: ( كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يذكر اللَّه على كل أحيانه ) رواه مسلم وعلقه البخاري.
( د ) عن على بن أبي طالب رضي اللَّه عنه قال: ( كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخرج من الخلاء فيقرئنا القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة ) رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن السكن.
* * *
3- عند النوم للجنب وغيره: للأدلة الآتية:
( أ ) عن البراء بن عازب رضي اللَّه عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت نفسي إليك” الحديث ( الدعاء الوارد في هذا الحديث هو: ” اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت ” ثم يقول صلى الله عليه وسلم : ” فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به” ). روله البخاري وأحمد والترمذي.
( ب ) عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما أن عمر قال: يا رسول اللَّه: أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: ” نعم إذا توضأ” رواه مسلم، وفي رواية أخرى له: أن عمر بين الخطاب ذكر لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه تصيبه جنابة من الليل، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : ” توضأ واغسل ذكرك ثم نم”.
( جـ ) عن عبد اللَّه بن أبي قيس أنه سأل عائشة رضي اللَّه عنها: كيف كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصنع في الجنابة؟ أكان يغتسل قبل أن ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: ( كل ذلك كان يفعل: ربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام ) رواه مسلم.
( د ) عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: ( كان رسول الل