دروس في الفقه الإسلامي
باب العبادات
للأستاذ: أحمد فهمي أحمد
النجاسـة
3- المني والمذي والودي
تحدثنا في المقالين السابقين عن بعض النجاسات وهى الميتة والدم ولحم النخنزيز والبول والغائط ونواصل في هذا المقال الحديث عن البعض الآخر من النجاسات وهو المني والمذي والودي.
أولا – المني
الأدلة لا تقطع بنجاسة المني أو عدم نجاسته، وإنما أوضحت ما يتبع بشأنه من أحكام، بأن يتم غسله إن كان رطبا، وفركه إن كان يابسا.
أدلة هذا الحكم:
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل المني ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه. متفق عليه.
وأخرجه البخاري أيضا من حديث عائشة بألفاظ مختلفة، وأنها كانت تغسل المني من ثوبه صلى الله عليه وسلم، وفي بعضها (وأثر الغسل في ثوبه بقع الماء) وفي لفظ (فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه) وفي لفظ (وأثر الغسل فيه بقع الماء) وفي لفظ (ثم أراه فيه بقعة أو بقعا).
وقد استدل بعض الفقهاء بهذا الحديث على نجاسة المني باعتبار أن الغسل لا يكون إلا عن نجس، وباعتبار أن المني يجري من مجري البول فتعين غسله بالماء كغيره من النجاسات. وأما من رأي من الفقهاء عدم نجاسته فقالوا بأن الغسل ليس دليلا على النجاسة فقد يكون لأجل النظافة ونحوها.
2- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يابسا وأغسله إذا كان رطبا. رواه الدار قطني – ورواية لمسلم انفرد بلفظها عن البخاري وهى قول عائشة رضي الله عنها لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركا فيصلي فيه وفي لفظ لمسلم عن عائشة لقد كنت أحكه يابسا بظفري من ثوبه.
3- ما رواه البيهقي والدارقطني وابن خزيمة وابن حبان من حديث عائشة رضي الله عنها في مسألة الحت والفرك، ولفظ البيهقي (ربما حتته من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي) ولفظ الدارقطني وابن خزيمة (أنها كانت تحت المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي) ولفظ ابن حبان (لقد رأيتني أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي).
4- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المني يصيب الثوب فقال: إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق والبزاق، إنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو إذخرة) رواه الدارقطني والبيهقي.
ثانيا – المذي(1):
المذي هو ماء أبيض لزج رقيق يخرج عن الملاعبة، أو التفكير في الجماع، أو ارادته، ويكون من الرجل والمرأة على السواء، إلا أنه من المرأة أكثر، وهو نجس، فإذا اصاب البدن وجب غسله وإذا أصاب الثوب اكتفى فيه بالرش بالماء.
أدلة هذا الحكم:
1- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (كنت رجلا مذاء (صيغة مبالغة، أي كثير المذي) فأمرت المقداد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال:
(فيه الوضوء) متفق عليه واللفظ للبخاري. وفي بعض ألفاظه عند البخاري بعد هذا: (فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفي لفظ (لمكان ابنته مني) وفي لفظ لمسلم (لمكان فاطمة) وزاد في لفظ للبخاري (توضأ واغسل ذكرك) وفي مسلم (أغسل ذكرك وتوضأ) وليس معنى رواية البخاري (توضأ وأغسل ذكرك) أن الوضوء مقدم على غسل الذكر لأن الواو لا تقتضي الترتيب، ورواية مسلم تبين المراد (أغسل ذكرك وتوضأ).
2- عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: (كنت القى من المذي شدة وعناء، وكنت أكثر من الاغتسال، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال (إنما يجزيك من ذلك الوضوء) فقلت: (يا رسول الله: كيف بما يصيب ثوبي منه؟) قال: (يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه قد أصاب منه) رواه أبو داود، وابن ماجه، والترمذي، وقال حديث حسن صحيح.
3- ورواه الاثرم بلفظ (كنت القى من المذي عناء فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك) فقال (يجزئك أن تأخذ حفنة من ماء فترش عليه).
ثالثا – الودي (الودي: بفتح الواو، وسكون الدال المهملة)
الودي هو ماء أبيض ثخين يخرج بعد البول أحيانا وهو نجس.
أدلة هذا الحكم:
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت: أما الودي فإنه يكون بعد البول فيغسل ذكره وأنثييه ولا يغتسل رواه ابن المنذر.
2- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال المني والودي والمذي: أما المني ففيه الغسل، وأما المذي والودي ففيهما اسباغ الطهور رواه الأثرم، وفي لفظ للبيهقي وأما الودي والمذي فقال اغسل ذكرك أو مذاكيرك وتوضأ وضوءك للصلاة.
أحمد فهمي أحمد
هامش:
(1) (المذي: تقرأ بفتح الميم وسكون الذال المعجمة)
بريد المجلة
1- من الأستاذ الدكتور أمين رضا أستاذ جراحة العظام بكلية الطب – جامعة الإسكندرية – وعضو الجماعة بفرع الإسكندرية – وردت إلينا رسائله الثلاث الآتية:
أ-الرسالة الأولى، وهذا نصها بعد الديباجة:
إنني أفخر بأن مجلتنا – مجلة التوحيد – قد تحسنت ف