الفرق في الإسلام
بقلم: فضيلة الشيخ: عبد الرحمن عبد السلام يعقوب
«الشيعة»
«الإسماعيلية»
يحاول كاتب هذا البحث أن يلقي الضوء على نشأة الفرق في الإسلام وكيف ظلت تتطور إلى أن كان لها من المبادئ والأفكار ما خرج بها عن الجماعة المؤمنة حتى يكون واضحاً للمسلمين أنه لا سبيل لهم إلا اتباع الفرقة الناجية التي ظلت على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
نشأتهم:
رأيت في شجرة الأئمة أن من أبناء جعفر الصادق إسماعيل وموسى، وكان إسماعيل أكبرهم سناً، فمن الطبيعي بموجب عقيدة الشيعة أن تكون الإمامة له بعد أبيه، ولكن إسماعيل هذا كان يشرب الخمر، فعدل أبوه عن الوصية له إلى ابنه موسى، ولكن بعض الشيعة رفضوا هذا وتمسكوا بإمامة إسماعيل وقالوا إنه معصوم وهو لم يشرب الخمر، وإن شربها فبأمر من الله وشيء في علمه، وبعد أن مات إسماعيل ساقوا الأئمة في نسله ومن هنا نشأت الإسماعيلية (1).
وقد ظل من اعتنقوا الإسماعيلية يدعون لها سراً، فلم يكن أحد يعلم عنها شيئاً إلا من ينتمي إليها، وأحكموا السرية إحكاماً تاماً وبرعوا فيها، ولذلك غلب عليهم وصف الباطنية، وانتمى إلى هذه الدعوة كثير من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم، بل هم الذين أسسوها كما اتفق على ذلك كبار المؤرخين.
وفي ظل السرية التامة اتسعت دعوة الإسماعيلية ونشطت، فكان لهم فيما بعد دولة وحكماً، ثم تفرقوا مع الزمن إلى ملل ونحل وطوائف لا تزال باقية إلى اليوم. أما الدولة فهي الدولة الفاطمية، وأما الطوائف فهم الدروز والبهرة والأغاخانية وما تفرع منها واتفق معها في أصول العقيدة الفاسدة كالبهائية والنصيرية وغيرهما.
ونحن بمشيئة الله نلقي بعض الضوء على هذه الملل التي لا تزال إلى يومنا هذا شوكة في جنب الأمة الإسلامية وقذى في أعين المسلمين.
«الفاطميون»
اعتنق الإسماعيلية رجال كثيرون اشتهر منهم ميمون القداح ومحمد الحسين ذيذان، ولم يكونا مسلمين أصلاً، وكانا مسجونين في سجن العراق فأسسا فيه أصول المذهب، ولما خرجا من السجن رحل ميمون إلى بلاد المغرب ودعا فيه إلى المذهب، ونجح في دعوته، وتبعه كثير من الناس في تلك البلاد. أما محمد بن الحسين فقد تنقل بدعوته في بعض البلاد الإسلامية، وشكل جماعة من الأتباع والأنصار، وكون من أعداء الإسلام دعاة ماكرين كانوا أعمدة للإسماعيلية، فظهر في الشام الحسن بن الصباح وكانت له فيها شوكة ونفوذ. وظهر في العراق حمدان قرمط رأس القرامطة الذين أحدثوا في الإسلام مالم يحدثه غيرهم من العالمين مما سنذكره بعد قليل من هذا المقال.
ولما صار للإسماعيلية أتباع وأشياع في المشرق والمغرب أعلنوا عن إمام لهم هو عبيد الله المهدي، وقالوا إنه المهدي المنتظر والإمام المستور المعصوم الموصي عليه من آبائه وأجداده المزعومين.
وكان يعيش في سوريا ثم انتقل إلى المغرب وأقام فيها دولة إسماعيلية كانت أساساً للدولة الفاطمية التي ملكت معظم البلاد الإسلامية ومنها مصر التي استولى عليها المعز لدين الله الفاطمي الحفيد الرابع لعبيد الله المهدي.
وعبيد الله المهدي هذاكان شخصية غريبة وماكرة، فهو كما يقول المؤرخون حفيد ميمون القداح، ولكنه غير اسمه ونسبه، فادعى أنه ينتمي من جهة الأب إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، وجهة الأم إلى السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) ولذلك سموا أيضاً بالفاطميين وغلبت عليهم تلك التسمية واشتهروا بها، وكانوا يقصدون بذلك استمالة الناس إليهم لما للسيدة فاطمة الزهراء من مكانة عند المسلمين لصلتها برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهكذا تمكن الفاطميون من حكم معظم البلاد الإسلامية، فكانت لهم مملكة ونفوذ شرقاً وغرباً، ولما صارت لهم اليد الطولى ادعى خلفاؤهم الألوهية، ولاتزال طائفة الدروز تعبد الحاكم بأمر الله.
وتتضح عقيدة تأليه الفاطميين في قول ابن هانئ الأندلسي في المعز لدين الله.
ما شئت لا ما شائت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
إلى أن يقول:
هذا الذي ترجى النجاة بحبه حقاً وتخمد إذ تره النار
أبناء فاطم هل لنا في حشرنا لجأ سواكم عاصم ومجار
شرفت بك الآفاق وانقسمت بك الأرزاق والآجال والأعمار
جلت صفاتك أن تحد بمقول
ما يصنع المصداق والمكثار
عقيدتهم وعبادتهم:
هذا عن نشأة الإسماعيلية…
أما عن عقيدتهم فلم نجد طائفة من الشيعة أشد انحرافاً عن الإسلام ولا أبعد عنه ولا أكثر عداوة له منهم:
يقول البغدادي وهو يتحدث عن هذه الطائفة:
«إن ضرر الباطنية على المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم بل أعظم من مضرة الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم بل أعظم من ضرر الدجال الذي يظهر آخر الزمان» » « وقد ذكر أصحاب التواريخ أن الذين وضعوا أساس دين الباطنية كانوا من أولاد المجوس وأنهم صاغوه حسب معتقداتهم (3)» وقد أولوا آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لتتمشى مع