الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

رئيس التحرير
مصطفي خليل أبو المعاطي

الخميس 6 جمادى الآخرة 1447 27-11-2025

الطلاق فى الإسلام بين التوعية والتقنين

أحدث الأخبار

مقالات متنوعة

الطلاق في الإسلام
بين التوعية والتقنين
بفلم: الدكتور إبراهيم إبراهيم هلال
إن الإسلام الذى أباح الطلاق عند الضرورة، وقدم له من القوانين والأصول التى يجب أن تتبع عند وقوعه وبعد وقوعه.. قدم من أساليب التوعية بالحياة الزوجية والمحافظة عليها ما لو عمل به الناس، لانعدم وقوع الطلاق في المجتمع، ونحن أحوج إلى أساليب هذه التوعية منا إلى تقنين الطلاق.
والعجب كل العجب أننا نجد كل الذين يخوضون في هذا الموضوع يتكلمون فيه إما على أنه قضاء وقدر لا بد من نفاذه، وليس هناك من وسائل تعمل على تقليله أو القضاء عليه- واقعيًا- بين الأسر والمجتمعات، وإما على أنه خطأ في التشريع- في نظرهم- فلابد من إخلاء قوانين الشريعة منه، وإظهار الإسلام خلوا من هذا الحل عند تحكم الشقاق وتحتم الفراق، وإما على أنه عمل أعلى من مستوى الزوج والزوجة، فلا يجوز لهما أن يمارساه إلا في دار القضاء، وعلى يد قاض، ونسى هذا الفريق الثالث، أن الزواج الذى هو أقدس رباط، يقوم به الزوجان، ولا يتم إلا برضاهما وفي محيط الأسرة. فكيف لا يتم الطلاق أيضًا- إذا حدث ووقع- بمباشرتهما فقط وفي محيط الأسرة، طبقًا لما شرعه اللَّه سبحانه.
ونسى هؤلاء جميعًا ذلك الجانب العظيم من التوعية الذى بذله الإسلام في هذا المجال.
وأول ذلك أنه نبه إلى أهمية الحياة الزوجية وخطورة أمرها، وأنها اقتران دائم بين زوجين وعشرة لصيقة، وصحبة طويلة وقد تكون أبدية إلى ما بعد البعث. فنجد القرآن الكريم يسمى الزوجة بالصاحبة، بل والصاحبة بالجنب وكذلك الزوج، ثم يتحدث عن واقع هذه الصحبة وذلك الاقتران، وعن جوه الذى يجب أن يكون فيه، ليبذل كل من الزوجين ما وسعه في سبيل توفير ذلك فيقول: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]. أى أن الزواج سكن بكل معانى السكن، واثنان هذا شأنهما فلابد أن يكون سكنهما لبعضهما قائمًا على المودة والرحمة.
أمام هذا الجو الطيب وتلك الحياة السعيدة يعمل الإسلام على إيجاد الزوج والزوجة اللذين ينسجان هذه الحياة، ولا شك أنه لا يستطيع نسج هذه الحياة إلا متدين ينفذ حدود اللَّه ويخافه، ويتقى غضبه ويعمل على رضاه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في جانب اختيار الزوجة: ” تنكح المرأة لأربع: لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك” أى أنه جرت عادة الناس- وتلك عادة سيئة- عند اختيارهم الزوجة، أن يمروا بهذا الترتيب الذى في الحديث ـ فيقدمون هذه الثلاثة على الدين بحيث إذا وجد واحد منها ولم يوجد الدين، اختاروا الزوجة لواحد فقط من هذه الثلاثة، ولو كانت على غير دين، وقليلون هم الذين يقدمون الدين على هذه الثلاثة أو أحدهما.
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ضرب بهذه العادة السيئة عرض الحائط، وأمر بتقديم الدين، فقال: ” فاظفر بذات الدين” والتعبير بكلمة ( اظفر ) مع اقترانها بالفاء أمر بالإسراع إلى ذات الدين، وأخذها دون تلكؤ أو تردد، فهى فرصة يجب اغتنامها، والحرص عليها،والظفر بها، وأن تلك الزوجة أنفس ما يكون في الوجود.
كذلك في جانب الرجل قال لأقارب الزوجة: ” إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”.
فإذا تم الاختيار على هذا الأساس، وكان الزوج والزوجة من طيب العنصر بمكان، جاء الدين يوعى الزوج ويوصيه بالزوجة من جانب، ويوعى الزوجة من جانب آخر، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ” اتقوا اللَّه واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمه كسرته، وإذا تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا”. وهنا يلفت الرسول صلى الله عليه وسلم نظرنا إلى طبيعة تكوين المرأة بقوله: ” فإنهن خلقن من ضلع أعوج” أى أن من طبيعتهن التدلل، وطبيعة المتدلل أن لا يكون مستجيبًا في كل حالة ولا منفذًا للأمر في حينه، فالمرجو من كل رجل أن يلاحظ هذا في زوجته، والرجل إذا كان ذا دين فمن السهل عليه ذلك.
وفي مقابل هذا يبين الدين مكانة الرجل بالنسبة للمرأة، وما الواجب عليها نحوه كى ترضى ربها، وتكون مؤمنة تقية، فيقول صلى الله عليه وسلم : ” لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها”.
ويحيل تلك المرأة هى وبنات جنسها على تلك الطاعة وذلك التقدير، حين يذهبن إليه طالبات من الأعمال ما لها ثواب يقربهن إلى اللَّه. فقد أوفدن إليه صلى الله عليه وسلم امرأة نيابة عنهن وهى أسماء بنت يزيد الأنصارية،وذهبت إليه لتقول له: ( يا رسول اللَّه.. إنا معشر النساء محصورات مقصورات.. قواعد بيوتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى، وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل اللَّه عز وجل، وإن أحدكم إذا خرج

أخبار متعلقة

اترك رد

من فضلك أدخل تعليقك!
يرجى إدخال اسمك هنا