الدعاة المخلصون
بقلم صابر خليفة حميده
قال لي محدثي: إننا في حاجة إلى دعاة كثيرين وإن هناك نقصاً كبيراً في الدعاة يقودون القافلة إلى القرى والأرياف والنجوع.
فقلت له: يا أخي الدعاة كثيرون والمشكلة ليست مشكلة نقص في العدد ولكن المشكلة هي الإخلاص في الدعوة، إننا في حاجة إلى دعاة مخلصين صادقين صالحين، شعارهم التقوى والصبر والصدق لأن الكلمة التي تخرج من القلب إنما تستقر في القلب.
إن الدعاة المخلصين لم يكونوا يريدون أجراً إلا من الله القوي العليم لأنهم تعلموا من القرآن الكريم بأن الله هو الغني الحليم، ولم يكونوا طلاب دنيا فانية وكماليات زائلة لأنهم تعلموا ووعوا الدرس الأول للمعلم الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم . يقول الله سبحانه وتعالى ((وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى*وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)) [طه: (131-132)].
إن الداعية المخلص هو الذي يعمل لترتفع كلمة الله وتكون هي العليا، والداعية المخلص هو الذي يعطي ولا يأخذ، يتحمل ولا ييأس، يتحدى الصعاب من أجل كلمة الحق.
وفي هذه الأيام نجد أن بعض مساجد الأوقاف في الأرياف والقرى بدون أئمة من الأوقاف. والسبب في ذلك أن الخريجين لا يريدون أن يعملوا في قرى ليس بها كهرباء، ولا ماء ولا كماليات، بل يريدون العمل في مساجد المدن حيث الكماليات والإغراءات.
إن الدعاة المخلصين لم يكونوا ينظرون إلى كماليات أو كيفية المعيشة وهو مكلف بالدعوة إلى الله.فهل فكر العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه في كيفية المعيشة أو المأكل عندما بعثه رسول الله ? إلى البحرين؟.
وهل فكر معاذ بن جبل رضى الله عنه في بعد الشقة ومخاطر السفر عندما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن؟.
وهل فكر شجاع بن وهب عندما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحارث بن شمر الغساني في كل ذلك؟
لم يكونا يفكرون في كل ذلك رغم صعوبة المواصلات. هل كانت هناك طائرات تقطع المسافات الشاسعة في ساعات محدودة؟ هل كانت هناك قطارات سريعة مكيفة الهواء يرتاح لها المسافر؟ بل كانت الإبل هي أحسن وسيلة في ذلك الوقت للسفر.
أيها الدعاة..
اتقوا الله لأن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانة كما أداها رسولكم الأكرم صلى الله عليه وسلم. اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً.
صابر خليفة حميده